كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 7)

صفحة رقم 77
الموت ، وكان ذلك هو البعث بعينه ، وكان العرب ينكرونه ويبالغون في إنكارهم له ولا يسألونهم عنه ، قال موبخاً لهم شيراً بالتأكيد إلى أنه لا يكاد يصدق أن أحداً ينكر ذلك لما له من الأدلة : ( إن ( وحقرهم بقوله : ( هؤلاء ) أي الأدنياء الأقلاء الأذلاء ) ليقولون ) أي بعد قيام الحجة البالغة عليهم مبالغين في الإنكار في نظير تأكيد الإثبات : ( إن ) أي ما .
ولما كان قد تقدم قوله تعالى ) يحيي ويميت ( وهم يعلمون أن المراد به أن يتكرر منه ألحياء للشخص الواحدن وكان تعالى قد قال ولا يخاطبهم إلا بما يعرفونه
77 ( ) وكنتم أمواتاً فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون ( ) 7
[ البقرة : 28 ] أي بالانتشار بعد الحياة وقال
77 ( ) أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين ( ) 7
[ غافر : 11 ] قالوا : ما ) هي إلا موتتنا ( على حذف مضاف أي ما الحياة إلا حياة موتتنا ) الأولى ) أي التي كانت قبل نفخ الروح - كما سيأتي في الجاثية ) إن هي إلا حياتنا الدنيا ( وعبروا عنها بالموتة إشارة إلى أن الحياة في جنب الموت المؤبد على زعمهم أمر متلاش لا نسبة لها منه ، وساق سبحانه كلامهم على هذا الوجه إشارة إلى أن الأمور إذا قيس غائبها على شاهدها ، كان الإحياء بعد الموتة الثانية أولى لكونه بعد حياة من الإحياء بعد الموتة الأولى ، فحط الأمر على أن الأبتداء كان من موت لم يتقدمه حياة ، أكدوه بما يفهمه تصريحاً فقالوا برد ما أثبته الله على لسان رسوله ( صلى الله عليه وسلم ) : ( وما نحن ( وأكدوا النفي فقالوا : ( بمنشرين ) أي من منشر ما بالبعث بحيث نصير ذوي حركة اختيارية ننتشر بها بعد الموت ، يقال : نشره وأنشره - إذا أحياه .
ولما كانوا يزعموه أن دعوى الإحياء لا يصح إلا إذا شاهدوا أحداً من الأموات الذين يعرفونه حياً بعد أن تمزق جلده وعظامه ، سببوا عن إنكارهم مخاطبين للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) ومن تبعه : ( فأتوا ) أي أيها الزاعمون أنا نبعث بعد الموت إيذاناً بأنهم لا يصدقون بذلك وغن كثر معتقدوه من جنس بشرهم وتبعهم ) بآبائنا ) أي لكوننا نعرفهم ونعرف وفور عقولهم فلا نشك في أن ذلك إحياء لمن مات ليكون ذلك آية لنا على البعث ، وأكدوا تكذيبهم بقوله : ( إن كنتم صادقين ) أي ثابتاً صدقكم .
ولما أخبروا على هذه العظمة تنطعاً لأنها لو وقعت لم يكن بأدل على ثبوت النبوة المستلزمة لتصديق كل ما يقول لهم الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) وما يأتيهم به من الآيات ، غير خائفين من الله وهم يعلمون قدرته وإهلاكه للماضين لأجل تكذيب الرسل عليهم الصلاة والسلام ، وكأنهم يدعون خصوصيته في مكنة من عين أو معنى ينجون بها من مساواة من قبلهم في ذلك فقال تعالى منكراً عليهم : ( أهم خير ) أي في الدين والدنيا ) أم قوم

الصفحة 77