كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 7)

صفحة رقم 79
ولما كان الدليل على تطابق الأرضي دقيقاً وحدها فقال : ( والأرض ) أي على ما فيها من المنافع ) وما بينهما ) أي النوعين وبين كل واحدة منها وما يليها ) لاعبين ) أي على ما لنا من العظمة التي يدرك من له أدنى عقل تعليها عن اللعب لأنه لا يفعله إلا ناقص ، ولو تركنا الناس يبغي بعضهم على بعض كما تشاهدون ثم لا نأخذ لضعيفهم بحقه من قويهم لكان خلقنا لهم لعباً ، بل اللعب أخف منه ، ولم نكن على ذلك التقدير مستحقين لصفة القدوسية ، فإنه ( لا قدست أمة لا يؤخذ لضعيفها بالحق من قويها غير متعتع ) - رواه ابن ماجة عن أبي سعيد وابن جميع في معجمه عن جابر ، وصاحب الفردوس عن أبي موسى رضي الله عنهم رفعوه ، وهو شيء لا يرضى به لنفسه أقل حكم الدنيا ، فكان هذا برهاناً قاطعاً على صحة الحشر ليظهر هناك الفصل بالعدل والفضل .
ولما كان أكثر الخلق لا يعلم ذلك لعظمته عن النظر في دليله وإن كان قطعياً بديهيّاً .
) ولكن أكثرهم ) أي أكثر هؤلاء الذين أنت بين أظهرهم وهم يقولون : ( إن هي إلا موتتنا الأولى ( وكذا من نحا نحوهم ) لا يعلمون ) أي أنا خلقنا الخلق بسبب إقامة الحق فهم لأجل ذلك يجترئون على المعاصي ويفسدون في الأرض لا يرجون ثواباً ولا يخافون عقاباً ، ولو تذكروا ما ركزناه في جبلاتهن لعلموا علماً ظاهراً أنه الحق الذي لا معدل عنه كما يتولى حكمها المناصب لأجل إظهار الحكم بين رعاياهم ، ويشرطون الحكم بالحق ، ويؤكدون على أنفسهم أنهم لا يتجاوزونه .
ولما كان كأنه قيل : إنا نرى أكثر المظلومين يموتون بمرير غصصهم مقهورين ، وأكثر الظالمين يذهبون ظافرين بمطالبهم مسرورين ، فمتى يكون هذا الحق ؟ قال جواباً لذلك مؤكداً لأجل

الصفحة 79