كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 7)

صفحة رقم 80
تكذبيهم : ( إن يوم الفصل ( عند جمع الأولين والآخرين من جميع المكلفين الذين ينتظره كل أحد للفرق بين كل ملبس ، فلا يدع نوعاً منه حتى أنه يميز بين المكاره المحاب ودار النعيم وغار الجحيم ، وبين أهل كل منهما بتمييز المحق من المبطل بالثواب والعقاب وهو بعد البعث من الموت ) ميقاتهم ) أي وقت جمع الخلائق للحكم بينهم الذي ضرب لهم في الأزل وأنزلت به الكتب على ألسنة الرسل ) أجمعين ( لا يتخلف عنه أحد ممن مات من الجن والإنس والملائكة وجميع الحيوانات .
ولما ذكر هذا اليوم الذي دل على عظمته بهذه العبارة إفراداً وتركيباً ، ذكر من وصفه ما يحمل على الخوف والرجاء ، أو رق من أعلى أو أسفل ) عن مولى ( أريد أخذه بما وقع منه ) شيئاً ( من الإغناء .
ولما كان الإغناء تارة يكون بالرفق وأخرى بالعنف ، صرح بالثاني لأنه أعظمها والسياق للإهلاك والقهر فقال : ( ولا هم ) أي القسمان ) ينصرون ) أي من ناصر ما لو أراد بعضهم نصرة بعض ، أو أراد غيرهم لو فرض أن ينصرهم ، وعبر بالجمع الذي أفاده الإبهام للمولى ليتناول القليل والكثير منه لأن النفي عنه نفي عن الأفراد من باب الأولى .
ولما نفى الإغناء استثنى منه فقال : ( إلا من رحم الله ) أي أراد إكرامه الملك الأعظم وهم المؤمنون يشفع بعضهم لبعض بإذن الله في الشفاعة لأحدهم فيكرم الشافع فيه بقبول شفاعته ويكرمه بقبوله الشفاعة فيه .
ولما كان ما تقدم دالاً على تمام القدرة في الإكرام والانتقام ، وكان الإكرام قد يكون عن ضعف ، قال نافياً لذلك ومقرراً لتمام القدرة اللازم منه الاختصاص بذلك مؤكداً له تنبيهاً على أنه ما ينبغي أن يجعل نصب العين وتعقد عليه الخناصر ، ولأن إشراكهم وتكذيبهم بالبعث يتضمن التكذيب بذلك : ( إنه هو ) أي وحده ) العزيز ) أي المنيع الذي لا يقدح في عزته عفو ولا عقاب ، بل ذلك دليل على عزته فإنه يفعل ما يشاء فيمن يشاء من غير مبالاة بأحد .
ولما كان العزيز قد لا يرحم قال : ( الرحيم ) أي الذي لا تمنع عزته أن يكرم من يشاء .
ولما كان السياق للانتقام ، أخبر عن حال الفجار على سبيل الاستئناف ، فقال مؤكداً لما يكذبون به : ( إن شجرة الزقوم ( التي تقدم من وصفها ما يقطع القلوب من أنها تخرج من أصل الجحيم ، وأن طلعها كأنه رؤوس الشياطين ، وغيره مما لا يعلمه حق علمه إلا الله تعالى والذي تعرفونه من ذلك في الدنيا أنها شجرة صغيرة الورق ذفرة أي شديد النتن - مرة ، من الزقم ، أي اللقم الشديد والشوب والمفرط ، وقال عبد الحق في كتابه الواعي : الزقوم شجرة غبراء صغيرة الورق لا شوك لها ذفرة لها كعابر في

الصفحة 80