كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 7)

وأما الّلفّ والنشر
- فهو أن يذكر اثنين فصاعدا ثم يأتى «1» بتفسير ذلك جملة مع رعاية الترتيب ثقة بأن السامع يردّ إلى كل واحد منها ما له، كقوله تعالى: وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ
؛ ومن النظم قول الشاعر:
ألست أنت الذى من ورد نعمته ... وورد راحته أجنى وأغترف
وقد لا يراعى فيه الترتيب ثقة بأن السامع يردّ كل شىء إلى موضعه سواء تقدّم أو تأخر، كقول الشاعر:
كيف أسلو وأنت حقف «2» وغصن ... وغزال لحظا وقدّا وردفا.
وأما التفسير
- وهو قريب منه- فهو أن يذكر لفظا ويتوهّم أنه يحتاج إلى بيانه فيعيده مع التفسير، كقول أبى مسهر:
غيث وليث [فغيث «3» ] حين تسأله ... عرفا وليث لدى الهيجاء ضرغام
ومنه قول الشاعر:
يحيى ويردى بجدواه وصارمه ... يحيى العفاة ويردى كلّ من حسدا
ومن ذلك أن يذكر معانى ويأتى بأحوالها من غير أن يزيد أو ينقص كقول الفرزدق:
لقد جئت قوما لو لجأت إليهمو ... طريد دم أو حاملا ثقل مغرم
لألفيت فيهم معطيا ومطاعنا ... وراءك شزرا بالوشيج «4» المقوّم
لكنه لم يراع شرط اللّفّ والنشر

الصفحة 129