قال: وينبغى أن يراعى فى الابتداءات ما يقرب من المعنى إذا لم تتأت له براعة الاستهلال، وتسهيل اللفظ وعذوبته وسلاسة ألفاظه، وقيل: إن أحسن ابتداء ابتدأت به العرب قول النابغة:
كلينى لهمّ يا أميمة ناصب ... وليل أقاسيه بطىء الكواكب
ومن أحسن ما ابتدأ به مولّد قول إسحاق بن إبراهيم الموصلىّ:
هل إلى أن تنام عينى سبيل ... إنّ عهدى بالنوم عهد طويل
ويحسن أن يبتدئ فى المديح بمثل قول أبزون العمانىّ:
على منبر العلياء «1» جدّك يخطب ... وللبلدة العذراء سيفك يخطب
وقول المتنبىّ:
عدوّك مذموم بكلّ لسان ... وإن كان من أعدائك القمران
وقول التّيفاشى:
ما هزّ عطفيه بين البيض والأسل ... مثل الخليفة عبد المؤمن بن على
وفى التشبيب كقول أبى تمّام:
على مثلها من أربع وملاعب ... أذيلت مصونات الدموع السواكب
وفى النسيب كقول المتنبىّ:
أتراها لكثرة العشّاق ... تحسب الدمع خلقة فى المآقى
وفى المراثى كقول أبى تمّام:
كذا فليجلّ الخطب وليفدح الأمر ... وليس لعين لم يفض ماؤها عذر.