كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 7)

فإن لفظة الغضى محتملة للموضع والشجر، والسّقيا صالحة لهما، فلّما قال:
«والساكنيه» استعمل أحد معنى اللفظ، وهو دلالته بالقرينة على الموضع، ولمّا قال: «شبّوه» استعمل المعنى الآخر، وهو دلالته بالقرينة على الشجر؛ ومن ذلك قول الشاعر «1» :
إذا نزل السماء بأرض قوم ... رعيناه وإن كانوا غضابا
أراد بالسماء الغيث، وبضميره النّبت.
وأما العكس والتبديل
- فهو أن يقدّم فى الكلام أحد جزئيه ثم يؤخّر؛ ويقع على وجوه:
منها أن يقع بين طرفى الجملة، كقول بعضهم: عادات السادات، سادات العادات؛ ومنها أن يقع بين متعلّقى فعلين فى جملتين، كقوله تعالى: يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ*
ومنه بيت الحماسة:
فردّ شعورهن السود بيضا ... وردّ وجوههن البيض سودا؛
ومنها أن يقع بين كلمتين فى طرفى جملتين، كقوله تعالى: هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَ
وقوله تعالى: لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَ
وقول أبى الطيّب:
ولا مجد فى الدنيا لمن قلّ ماله ... ولا مال فى الدنيا لمن قلّ مجده.
وأما الرجوع
- فهو أن يعود المتكلّم على «2» كلامه السابق بالنقض لنكتة كقول زهير:
قف بالديار التى لم يعفها القدم ... بلى وغيّرها الأرواح والدّيم

الصفحة 144