كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 7)

الذى تعلق بها من المنفىّ «1» عاما فى كل ما يجوز أن تكون له تلك الصفة، فإذا قلت:
ما فى الدار كريم، كنت نفيت الكينونة فى الدار عن كل شىء يكون الكرم صفة له، وحكم الإنكار «2» أبدا حكم النفى، فأما إذا أخرت شركاء فقلت: وجعلوا الجنّ شركاء [لله «3» فيكون جعل الشركاء مخصوصا غير مطلق فيحتمل أن يكون المقصود بالإنكار جعل الجنّ شركاء] لا جعل غيرهم، تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا، فقدّم شركاء نفيا لهذا الاحتمال.
فصل فى مواضع التقديم والتأخير
قال: أما التقديم فيحسن فى مواضع:
الأول أن تكون الحاجة إلى ذكره أشدّ،
كقولك: قطع اللّصّ الأمير.
الثانى: أن يكون ذلك أليق بما قبله من الكلام أو بما بعده،
كقوله تعالى:
وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ
فإنه أشكل بما بعده وهو قوله: فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ*
وبما قبله وهو: مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ*.
الثالث: أن يكون من الحروف التى لها صدر الكلام،
كحروف الاستفهام والنفى، فإنّ الاستفهام طلب فهم الشىء، وهو حالة إضافية فلا تستقلّ بالمفهومية فيشتدّ اتصاله بما بعده.
الرابع: تقديم الكلىّ على جزئياته،
فإن الشىء كلما كان أكثر عموما كان أعرف فإن الوجود لما كان «4» أعمّ الأمور كان أعرفها عند العقل.
الخامس: تقديم الدليل على المدلول.

الصفحة 69