كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 7)

وقال رجل للعتّابىّ: ما البلاغة؟ قال: كلّ ما أبلغك حاجتك، وأفهمك معناه بلا إعادة ولا حبسة ولا استعانة فهو بليغ؛ قالوا: قد فهمنا الإعادة والحبسة، فما معنى الاستعانة؟ قال: أن يقول عند مقاطع الكلام: إسمع منّى، وافهم عنّى، أو يمسح عثنونه «1» ، أو يفتل أصابعه، أو يكثر التفاته، أو يسعل من غير سعلة، أو ينبهر «2» فى كلامه قال بعض الشعراء:
ملىء ببهر والتفات وسعلة ... ومسحة عثنون وفتل الأصابع
ومن كلام أحمد بن اسماعيل الكاتب المعروف بنطاحة «3» ، قال: البليغ من عرف السقيم من المعتلّ، والمقيّد من المطلق، والمشترك من المفرد، والمنصوص من المتأوّل، والإيماء من الإيحاء، والفصل من الوصل، والتلويح من التصريح.
ومن أمثالهم فى البلاغة
قولهم: يقلّ الحزّ «4» ويطبّق المفصل. وذلك أنهم شبهوا البليغ الموجز الذى يقلّ الكلام ويصيب نصوص المعانى «5» بالجزّار الرفيق الذى يقلّ حزّ اللحم ويصيب مفاصله؛ وقولهم: يضع الهناء مواضع النّقب، أى لا يتكلّم إلا فيما يجب الكلام فيه. والهناء: القطران. والنّقب: الجرب. وقولهم: قرطس «6» فلان فأصاب الغرّة، وأصاب عين القرطاس «7» . كلّ هذه أمثال للمصيب فى كلامه الموجز فى لفظه.

الصفحة 9