كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 7)

السَّمَاءِ الدُّنيَا، فَإِذَا تَفَرَّقُوا عَرَجُوا وَصَعِدُوا إِلَى السَّمَاءِ، قَالَ: فَيَسأَلُهُم اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ أَعلَمُ: مِن أَينَ جِئتُم؟ فَيَقُولُونَ: جِئنَا مِن عِندِ عِبَادٍ لَكَ فِي الأَرضِ يُسَبِّحُونَكَ وَيُكَبِّرُونَكَ وَيُهَلِّلُونَكَ وَيَحمَدُونَكَ وَيَسأَلُونَكَ، قَالَ: وَمَاذَا يَسأَلُونِي؟ قَالُوا: يَسأَلُونَكَ جَنَّتَكَ، قَالَ: وَهَل رَأَوا جَنَّتِي؟ قَالُوا: لَا أَي رَبِّ، قَالَ: فَكَيفَ لَو رَأَوا جَنَّتِي؟ قَالُوا: وَيَستَجِيرُونَكَ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
منها الكذب والبدع، ومزامير الشيطان. نعوذ بالله من حضورها، ونسأله العافية من شرورها.
و(قوله: فيسألهم - وهن أعلم -: من أين جئتم؟ ) هذا السؤال من الله تعالى للملائكة، هو على جهة التنبيه للملائكة على قولها: {أَتَجعَلُ فِيهَا مَن يُفسِدُ فِيهَا وَيَسفِكُ الدِّمَاءَ} وإظهار لتحقيق قوله: {إِنِّي أَعلَمُ مَا لا تَعلَمُونَ} وهو من نحو مباهاة الله تعالى الملائكة بأهل عرفة حين قال لهم: ما أراد هؤلاء؟ انظروا إلى عبادي جاؤوني شعثا غبرا، أشهدكم أني قد غفرت لهم (¬1). وكذلك نُص عليه في الحديث.
و(قوله: ويمجدونك) أي: يعظمونك بذكر صفات كمالك وجلالك. وقد تقدَّم: أن أصل المجد الكثرة، ومنه قولهم: في كل شجرة نار، واستمجد المرخ والعفار.
و(قوله: كيف لو رأوا جنتي؟ ) هذا يدلّ على أن للمعاينة زيادة مزية على العلم في التحقيق والوضوح؛ فإنَّ هؤلاء القوم المتذكرين للجنة والنار كانوا عالمين بذلك، ومع ذلك فإنَّ الله تعالى قال: فكيف لو رأوها يعني: لو رأوها لحصل من اليقين والتحقيق زيادة على ما عندهم، ولتحصيل هذه الزيادة سأل موسى الرؤية، والخليل مشاهدة إحياء الموتى، وقد تقدَّم هذا المعنى.
¬__________
(¬1) رواه ابن خزيمة (2840)، والبغوي في شرح السنة (1931).

الصفحة 12