كتاب شرح ألفية ابن مالك للشاطبي = المقاصد الشافية (اسم الجزء: 7)

إلى آخره، يعني أن هذه الأبنية الأربعة من أبنية التكسير جموع اختصت بالقلة، يعني في الأصل، فلا تطلق بحكم الأصل إلا على العشرة فما دونها، فتقول في جمع بُرْد إذا أردت القلة: أبراد. وفي جمع عَبد إذا أردت القلة: أعْبُد. وجمع بناءٍ: أبنية. وفي جمع فتىً: فتية. وكأنَّ العرب أرادت التفرقة بين البابين كما فرقوا بين التثنية وبين ما يراد به أكثر من ذلك؛ وذلك لأن (¬1) التثنية أول الأعداد، لأن الواحد ليس بعدد (¬2)، فخصُّوه ببنية لا تكون لغيره من الجموع، لأن التثنية في المعنى جمع، فكذلك لما كانت العشرة أول العقود خصوها وآحادها بأبنية، وهي هذه الأربعة، خصوا اثنين منها في الأكثر بالثلاثية، وهما أفعُلٌ وأفعال، وخصوا الباقِييم بالمزيد (¬3)، وهما أفعِلة وفِعْلَة، وهذا في الأكثر أيضاً، وإلا فالجميع قد يستعمل للكثرة، كما سيأتي إثر هذا إن شاء الله. فلا يُعنَى بأنها للقلة أن ذلك لازمٌ فيها،
¬__________
(¬1) (س): أنَّ.
(¬2) في تاج العروس مادة (عدد): "العدد هو الكمية المتألفة من الوحدات، فيختص بالمتعدد في ذاته، وعلى هذا فالواحد ليس بعدد؛ لأنه غير متعدد؛ إذ التعدد الكثرة. وقال النحاة: الواحد من العدد؛ لأنه الأصل المبني منه، ويبعد أن يكون أصل الشيء ليس منه، ولأن له كمية في نفسه، فإنه إذا قيل: كم عندك؟ صح أن يقال في الجواب: واحدٌ، كما يقال: ثلاثة وغيرها".
(¬3) أي: ما كان من المفردات على ثلاثة أحرف. والمراد بالمزيد ما زاد على الثلاثة. وسيأتي تفصيل ذلك في الشرح.

الصفحة 11