كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 7)

على نفسك؟ أبعد نهاوند ومرو الرّوذ تجمع [1] بين غارين [2] من المسلمين؟ فقال:
نصحتني والله في ديني إذ لم أنتبه لذلك، ثم أمر بفساطيطه فقوّضت، فبلغ مصعبا ذلك فقال: ويحكم! من دهاني في الأحنف؟ فقالوا: زبراء، فبعث إليها بثلاثين ألف درهم، فجاءت حتى أرخت عينيها بين يديه فقال: ما لك يا زبراء؟ قالت: جئت بإخوانك من أهل البصرة تزفّهم كما تزفّ العروس حتى إذا صيّرتهم في نحور أعدائهم أردت أن تفتّ في أعضادهم، قال: صدقت والله، يا غلام دع الفساطيط، فاضطرب العسكر بمجيء زبراء مرّتين فذهبت مثلا.
1146- وأنا أجتنب ذكر ما جاء في هفوات الصالحين والصّدر الأوّل إجلالا لهم عن سوء الظّنّ إلا أن يجيء ما ليس بخطأ على الحقيقة، وإنما اعترفوا به تواضعا، كما جاء عن عمر رضي الله عنه، قال: لا يبلغني أن أحدا تجاوز بصداقه صداق النبيّ صلّى الله عليه وسلم إلا ارتجعته منها. فقامت امرأة فقالت: ما جعل الله تعالى ذلك لك، يا ابن الخطاب، إنّ الله عزّ وجلّ يقول: وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً
(النساء: 20) ، فقال عمر: ألا تعجبون من إمام أخطأ وامرأة أصابت؟ ناضلت إمامكم فنضلته، وعمر رضي الله عنه إنما قال ذلك زجرا ليقتدوا بسنّة الرّسول صلّى الله عليه وسلم في صدقات النساء ولم يوجبه عليهم، والآية التي احتجت بها المرأة ليست في الصّداق [3] .
__________
[1] م: جمع.
[2] الغار: الجماعة أو الجيش الكثير.
[3] حاشية ر: قال عمر رضي الله عنه ذلك تواضعا، إن صحت هذه الحكاية عنه، وليس المراد من الآية الصداق وإنما المراد الهبة. وهناك حاشية أخرى طويلة بغير خط الناسخ وفيها رد على ما قاله المؤلف بالمقصود من الآية.

الصفحة 265