كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 7)

أصدقائه يلقاه في سرّ، ويخبره أن الذي قد عمل قد وهم فيه. أما أولها فإن المجنون لا يجب عليه الحدّ، وأنه حكم بغير خصم حاضر ادّعى ذلك، وذلك أن الرجل الذي شتمته مضى ولم يقف؛ وأنه أقام حدا في المسجد، والحدود لا تقام في المساجد؛ وجمع عليها حدّين في مقام واحد، ولا يجوز أن يجمع على مسلم حدّان [1] في موضع حتى يبرأ الأوّل ويقام عليه الثاني. وأما حدّه إياها وهي قائمة، فليس بين المسلمين خلاف أنّ المرأة لا تضرب قائمة، ولكن تضرب جالسة، والمرأة إذا احتاج الحاكم أن يحدّها، أحضر وليّها حتى يتولّى من سترها ما لعلّه أن ينكشف منها؛ وأما انكشاف شعرها حين ضربت فلم يأمر أحدا أن يغطّيه، وقد كان يجب أن يأمر امرأة تغطيه.
«1155» - قال الشعبي: أخطأت عند عبد الملك بن مروان في أربع، حدثني بحديث فقلت: أعده عليّ، فقال: أما علمت أنّ أمير المؤمنين لا يستعاد؛ وقلت حين أذن لي: أنا الشعبيّ يا أمير المؤمنين؟ فقال: ما أدخلناك حتى عرفناك؛ وكنيت عنده رجلا فقال: أما علمت أنه لا يكنّى أحد عند أمير المؤمنين؛ وسألته أن يكتبني حديثا، فقال: إنّا نكتب ولا نكتب.
وليس ما ذكره الشعبيّ عن نفسه ونسبها فيه إلى الخطأ بخطأ، وإنما تخلّق عبد الملك بأخلاق الجبابرة، وخالف أخلاق الحنيفيّة السهلة، فكان غلط الشعبيّ مضافا إليها.
1156- وأنا أكره ذكر ما أخذ على الفقهاء ونسبوا فيه إلى الغلط، بل لكل منهم [2] فضيلة الاجتهاد، وزلّة الرأي- ما لم يتعمّد- مغفورة. وترك ما وهموا
__________
[1] م: ولا يجتمع حدان.
[2] م: بل كل منهم له.

الصفحة 268