كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 7)

وقولها والدموع تسبقها ... لنفسدنّ الطواف في عمر
أتراك لو وصفت بهذا هرّة أهلك، ألم تكن قد قبّحت وأسأت وقلت الهجر؟
إنما توصف الحرّة بالإباء والحياء والالتواء والبخل والامتناع كما قال هذا، وأشار إلى الأحوص: [من الطويل]
أدور ولولا أن أرى أمّ جعفر ... بأبياتكم ما درت حيث أدور
وما كنت زوّارا ولكنّ ذا الهوى ... إذا لم يزر لا بدّ أن سيزور
قال: فدخلت الأحوص أبّهة وعرفت الخيلاء فيه. فلما استبان ذلك كثيّر منه قال: أبطل آخرك أوّلك، أخبرني عن قولك: [من الوافر]
فإن تصلي أصلك وإن تبيني ... بصرمك بعد وصلك لا أبالي
ولا ألفى كمن إن سيم صرما ... تعرّض كي يردّ إلى الوصال
أما والله لو كنت فحلا لباليت ولو كسرت أنفك، [هلا قلت] كما قال هذا الأسود، وأشار إلى نصيب: [من الطويل]
بزينب ألمم قبل أن يرحل الرّكب ... وقل إن تملّينا فما ملّك القلب
قال: فانكسر الأحوص ودخلت نصيبا الأبّهة. فلما نظر إلى الكبرياء قد دخلته، قال له: وأنت يا ابن السوداء فأخبرني [1] عن قولك: [من الطويل]
أهيم بدعد ما حييت فإن أمت ... فواكبدا من ذا يهيم بها بعدي
أهمّك من ينيكها بعدك؟ فقال نصيب: استوت القرفة [2] ، وهي لعبة لهم مثل المنقلة، قال سائب: فلما أمسك كثيّر أقبل عليه عمر فقال له: قد أنصتنا لك فاسمع يا مذبذب إليّ. أخبرني عن تخيّرك لنفسك وتخيّرك لمن تحبّ حيث
__________
[1] م: أخبرني.
[2] الأغاني: القرف.

الصفحة 293