كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 7)

وهو من قصيدة له مشهورة أجاد فيها وأحسن كلّ الإحسان، ولم تمنعه قدرته على ذلك الإحسان من الشّره إلى ما ليس له.
«1217» - وقد قال الشماخ: [من الطويل]
وأمر ترجّي النفس ليس بنافع ... وآخر يخشى ضيرة لا يضيرها
فأغار عليه شبيب بن البرصاء فقال: [من الطويل]
ترجّي النفوس الشيء لا تستطيعه ... وتخشى من الأشياء ما لا يضيرها
«1218» - وكان أبو العتاهية مع تقدّمه في الشعر كثير السقط، فروي أنه لقي محمد بن مناذر بمكة، فمازحه وضاحكه، ثم دخل على الرشيد فقال: يا أمير المؤمنين هذا شاعر البصرة يقول قصيدة في كلّ سنة، وأنا أقول في السنة مئين قصائد. فأدخله الرشيد إليه فقال ما يقول أبو العتاهية. فقال: يا أمير المؤمنين لو كنت أقول كما يقول لقلت مثله كثيرا: [من الهزج]
ألا يا عتبة الساعة ... أموت الساعة الساعة
لقلت مثله كثيرا، ولكنني أقول: [من الخفيف]
إنّ عبد المجيد يوم تولّى ... هدّ ركنا ما كان بالمهدود
ما درى نفسه ولا حاملوه ... ما على النّعش من عفاف وجود
فقال الرشيد: أنشدنيها، فأنشده إيّاها، فقال: ما لها عيب إلا أنها في سوقة، وما كان ينبغي إلا أن تكون في خليفة أو وليّ عهد، ثم أمر له بعشرة آلاف درهم؛ فكاد أبو العتاهية يموت غمّا وأسفا.

الصفحة 297