كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 7)

«1221» - قال الحسن بن رشيق الأزدي الكاتب المغربي في ما جمعه من شعر المغاربة: اجتمعت وأنا حدث بيعلى بن إبراهيم الأربسي، وكانت له مكانة من الخطّ والترسّل وعلم الطبّ والهيئة مع تقدّمه في الشعر، فأخذ في ذكر الشعراء وغضّ من عبد الكريم النهشلي- وهو من أعيان وقته- فأغلظت له في الجواب. فالتفت إليّ منكرا عليّ وقال: وما أنت وما دخولك بين الشيوخ يا بني؟! فقلت له: ومن يكون الشيخ أيّده الله؟ فعرّفني نفسه ثم أخرج رقعة من خطّه فيها شعره: [من البسيط]
إياة شمس حواها جسم لؤلؤة ... يغيب من لطف فيها ولم تغب
صفراء مثل النّضار السّكب لابسة ... درعا مكلّلة درّا من الحبب
لم يترك الدهر منها غير رائحة ... تضوّعت وسنا ينساح كاللهب
إذا النديم تلقّاها ليشربها ... صاغت له الراح أطرافا من الذهب
فقال: كيف رأيت؟ فقلت- وأردت الاشتطاط عليه: أما البيت الأوّل فناقص الصنعة، مسروق المعنى، فيه تنافر، قال: وكيف ذلك؟ قلت: لو كان ذكر الياقوتة مع اللؤلؤة كما قال أبو تمام: [من الكامل]
أو درّة بيضاء بكر اطبقت ... حبلا على ياقوتة حمراء
لكان أتمّ تصنيعا [وأحسن ترصيعا] ولو ذكرت روح الخمر مع ذكرك جسم اللؤلؤة- يعني الكأس- لكان أوفى للمعنى، ولو قلت مع قولك «إياة» :
«شمس حواها نهار» وعنيت به الكأس كما قال ابن المعتز، ويروى للقاضي التنوخي: [من المتقارب]
وراح من الشمس مخلوقة ... بدت لك في قدح من نهار

الصفحة 299