كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 7)

لكنت قد ذهبت إلى شيء عجيب غريب؛ أما قولك: «يغيب من لطف فيها ولم يغب» ، فمن قول البحتري: [من الكامل]
يخفي الزجاجة لونها فكأنّها ... في الكفّ قائمة بغير إناء
وأما البيت الثاني فأكثر من أن ينبّه عليك فيه، وأما الثالث فمن قول ابن المعتز:
[من البسيط]
أبقى الجديدان من موجودها عدما ... لونا ورائحة في غير تجسيم
وأما البيت الأخير، فمن قول مسلم بن الوليد: [من الطويل]
أغارت على كفّ المدير بلونها ... فصاغت له منها أنامل من ذبل
وقوله أيضا: [من الطويل]
إذا مسّها الساقي أعارت بنانه ... جلابيب كالجاديّ من لونها صفرا
وفيه عيب يقال له التوكّؤ، وهو تكريرك ذكر الراح، وأنت مستغن عنه، قال:
فماذا كنت أنت تسدّ مكان الراح، قلت:
كنت أقول: «صاغت ليمناه أطرافا من الذهب» .
وأنشدته لنفسي دون أن أعلمه: [من الطويل]
معتقة يعلو الحباب جنوبها ... فتحسبه فيها نثير جمان
رأت من لجين راحة لمديرها ... فجادت له من عسجد ببنان
ثم أنشد يصف بستانا: [من البسيط]
تفيض بالماء منه كلّ فوّهة ... فكلّ فوارة بالماء تنذرف
كأنّها بين أشجار منوّرة ... ظلّت بمستحسن اللبلاب تستجف
مجامر تحت أثواب مجلّلة ... على مشاجبها دخانها يهف

الصفحة 300