كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 7)

قال أبو عمرو وقد سمعت ابن أنس السلمي يقول: ليسا من بني فزارة إنما هما ابنا قترة من الأزد، ولقد لقيت أهل ذلك البيت وحدثتهم.
فقال تأبّط شرا لصاحبه: الهرب الهرب الآن! فالطلب والله في أثرك. ثم أخذ به غير الطريق، فما سار إلا ساعة أو قليلا حتى قال له الغلام: أنت مخطىء، الطريق ما تستقيم الريح فيه. قال: قلت فأين؟ قال هذا المكان، فو الله ما جرم أن استقبل الطريق، وما كان سلكها قط. فأصبحنا فما برحت أطرد به حتى رأيت عينيه كأنهما خيط، فقلت: انزل فقد أمنت، فقال: هل تخاف شيئا؟ قلت له: لا، قال: فنزلنا وأنخنا الإبل، ثم انتبذنا فنام في طرفها ونمت في الطرف الآخر ورمقته حتى أوى إلى نفسه وخط طرفاه نوما. فقمت رويدا فإذا هو قد استوى قائما فقال: ما شأنك؟ فقلت: سمعت حسّا في الإبل، فطاف معي بينها حتى استثرناها، فقال: والله ما أرى شيئا، أتخاف أن تكون نمت وأنت تخاف شيئا؟ فقلت: لا والله لقد أمنت، فقال: فنم. فنمت ونام، فقلت: عجلت أن يكون استثقل نوما فأمهلته حتى أوى إلى نفسه وتملا، فقمت رويدا فإذا هو قد استوى قائما فقال: ما شأنك؟ قلت: سمعت حسّا في الإبل، قال: أتخاف شيئا؟ قلت: لا والله، قال: فنم ولا تعد فإني قد ارتبت منك.
قال: فأمهلته حتى أدى نفسه واستثقل نفسه نوما فقذفت بحصاة إلى رأسه فو الله ما عدا أن وقعت فوثب وتناومت، فأقبل فركضني برجله فقال: أنائم أنت؟
قلت: نعم، قال: أسمعت ما سمعت؟ قلت: لا، قال: والله لقد سمعت مثل بركة الجزور عند رأسي، قال: وطفت معه في البرك، فلم ير شيئا فرجع إلى مكانه ورجعت، فلما استثقل نوما، قذفت بحصاة إلى رأسه. فو الله ما عدا أن وقعت فوثب وتناومت فجاء فركضني برجله وقال: أسمعت ما سمعت؟ قلت له: لا، قال: والله لقد سمعت عند رأسي مثل بركة الجزور. فطاف فلم ير شيئا، ثم أقبل عليّ مغضبا توقّد عيناه، فقال: أتخاف شيئا؟ قلت: لا، قال والله لئن أيقظتني ليموتنّ أحدنا: أنا أو أنت. ثم أتى مضجعه، قال: فو الله لقد بتّ

الصفحة 347