كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 7)

فلم أنفكّ متّكئا لديها ... لأنظر مصبحا ماذا دهاني
إذا عينان في رأس قبيح ... كرأس الهرّ مسترق اللسان
وساقا مخدج وسراة كلب ... وثوب من عباء أو شنان
«1292» - كان من خبر سجاح وادّعائها النبوّة وتزويج مسيلمة إياها أنّ سجاح التميمية ادّعت النبوّة بعد وفاة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فاجتمعت عليها بنو تميم وكان فيما ادّعت أنه أنزل عليها:
«يا أيها المتقون، لنا نصف الأرض ولقريش نصفها ولكنّ قريشا قوم يبغون» .
واجتمعت بنو تميم كلّها لنصرها، وكان فيهم الأحنف بن قيس وحارثة بن بدر ووجوه بني تميم كلّها. وكان مؤذّنها شبث بن ربعي الرياحي، فعمدت في جيشها إلى مسيلمة الكذّاب وهو باليمامة، فقالت: يا معشر تميم، اقصدوا اليمامة، فاضربوا فيها كل هامة، وأضرموا فيها نارا ملهامة، حتى تتركوها سوداء كالحمامة.
وقالت لبني تميم: إنّ الله لم يجعل هذا الأمر في ربيعة، وإنما جعله في مضر، فاقصدوا هذا الجمع، فإذا فضضتموه كررتم على قريش. فسارت في قومها وهم الدّهم الداهم. وبلغ مسيلمة خبرها، فضاق به ذرعا وتحصّن في حجر حصن اليمامة. وجاءت في جيوشها فأحاطت به. فأرسل إلى وجوه قومه وقال: ما ترون؟
قالوا: نرى أن تسلّم الأمر إليها وتدعنا، فإن لم تفعل فهو البوار.
وكان مسيلمة داهية، فقال: سأنظر في هذا. ثم بعث إليها أنّ الله تبارك وتعالى أنزل عليك وحيا وأنزل عليّ وحيا، فهلمّي نجتمع ونتدارس ما أنزل علينا، فمن عرف الحقّ نفعه [1] ، واجتمعنا فأكلنا العرب أكلا بقومي وقومك.
__________
[1] م والأغاني: تبعه.

الصفحة 349