كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 7)

فبعثت إليه: أفعل. فأمر بقبّة أدم فضربت، وأمر بالعود المندل فسجر فيها، وقال: أكثروا من الطّيب والمجمر، فإنّ المرأة إذا شمّت رائحة الطّيب ذكرت الباءة. ففعلوا ذلك. وجاءها رسوله يخبرها بأمر القبّة المضروبة للاجتماع، فأتته فقالت: هات ما أنزل الله عليك، فقال:
«ألم تر كيف فعل ربك بالحبلى، أخرج منها نسمة [1] تسعى، ما بين صفاق وحشا، من بين ذكر وأنثى، وأموات وأحيا، ثم إلى ربّهم يكون المنتهى» .
قالت: وماذا؟ قال: «ألم تر أنّ الله خلقنا أفواجا، وجعل النّساء لنا أزواجا، فنولج فيهنّ قعسا إيلاجا، ونخرجها منهنّ إذا شئنا إخراجا» .
قالت: فأيّ شيء أمرك؟ قال: [من الهزج]
ألا قومي إلى النّيك ... فقد هيّي لك المضجع
فإن شئت ففي البيت ... وإن شئت ففي المخدع
وإن شئت سلقناك ... وإن شئت على أربع
وإن شئت بثلثيه ... وإن شئت به أجمع
فقالت: لا، إلا به أجمع، فقال: كذلك أوحي إليّ. فواقعها. فلما قام عنها قالت: «إنّ مثلي لا يجري أمرها كذا فيكون وصمة على قومي وعليّ، ولكن أنا مسلّمة إليك النبوّة فاخطبني إلى أوليائي يزوّجوك، ثم أقود تميما معك» .
فخرج وخرجت معه، فاجتمع الحيّان من حنيفة وتميم، فقالت سجاح: إنه قرأ عليّ ما أنزل عليه، فوجدته حقا فاتبعته. ثم خطبها فزوّجوه إياها، ثم سألوه عن المهر، فقال: قد وضعت عنكم صلاة العصر. فبنو تميم إلى الآن بالرمل لا يصلّونها، ويقولون: هذا حقّ لنا ومهر كريمتنا لا نردّه.
__________
[1] الأغاني: نطفة.

الصفحة 350