كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 7)

وقال شاعر بني تميم يذكر أمر سجاح: [من البسيط]
أضحت نبيّتنا أنثى يطاف بها ... وأصبحت أنبياء الله ذكرانا
قال: وسمع الزّبرقان بن بدر الأحنف يومئذ، وقد ذكر مسيلمة وما تلاه عليهم، فقال الأحنف: تالله ما رأيت أحمق من هذه الأنبياء قطّ، فقال الزبرقان:
والله لأخبرنّ بذلك مسيلمة، فقال: إذن والله أحلف أنك كذبت فيصدّقني ويكذّبك، قال: فأمسك الزبرقان وعلم أنه قد صدق.
قال: وحدّث الحسن البصري بهذا فقال: أمن والله أبو بحر من نزول الوحي. وأسلمت سجاح بعد ذلك وبعد قتل مسيلمة، وحسن إسلامها.
وقال الأغلب العجليّ في تزويج مسيلمة الكذّاب بسجاح: [من الرجز]
قد لقّيت سجاح من بعد العمى ... ملوّحا في العين مجلوز القرا [1]
مثل الفنيق في شباب قد أتى ... اللّجيميّين أصحاب القرى [2]
ليس بذي واهنة ولا نسا ... نشا بلحم وبخبز ما اشتهى
حتى شتا تنتح ذفراه الندى ... خاظي البضيع لحمه خظا بظا [3]
كأنّما جمّع من لحم الخصى ... إذا تمطّى بين برديه صأى
كأنّ عرق أيره إذا ودى ... حبل عجوز ضفّرت سبع قوى
يمشي على خمس قوائم زكا ... يرفع وسطاهنّ من برد الندى
قالت متى كنت أبا الخير متى ... قال حديث لم يغيّرني البلى
ولم أفارق خلّة لي عن قلى ... فانتشغت فيشته نصف الشّوى
كأنّ في أجيادها سبع كلى ... ما زال عنها بالحديث والمنى
__________
[1] مجلوز: مجتمع الخلق؛ القرا: الظهر.
[2] الفنيق: الجمل المكرم.
[3] خاظي البضيع: مكتنز اللحم، خظا بظا: متراكب اللحم.

الصفحة 351