كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 7)

يريد براية الشادن [1] الراية التي يعملها الصبيّ من القرطاس الرقيق، ويجعل لها ذنبا وجناحا، ويرسلها يوم الريح بالخيوط الطّوال. وكان يعمل رايات من هذا الجنس ويعلّق فيها الجلاجل ويرسلها في ليلة الريح ويقول: الملائكة تنزل عليّ وهذه خشخشة الملائكة وزجلها. وكان يصل جناح الطائر المقصوص بريش معه فيطير.
«1296» - قوله سبحانه وتعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِ
(البقرة: 189) .
كان النبيّ صلّى الله عليه وسلم سئل عن الهلال في بدئه دقيقا، وعن عظمه بعد، وعن رجوعه دقيقا كالعرجون القديم. فأعلم الله عزّ وجلّ أنه جعل ذلك ليعلّم الناس أوقاتهم فيما فرض عليهم من حجّهم وعدّة نسائهم وجميع ما يريدون علمه مشاهرة، لأنّ هذا أسهل على الناس من حفظ عدد الأيام، يستوي فيه الحاسب وغيره.
واشتقاق الهلال من قولهم: استهل الصبيّ إذا بكى حين يولد، وأهلّ القوم بحجّ وعمرة أي رفعوا أصواتهم بالتّلبية. وكذلك الهلال حين يرى يهلّ الناس بذكره، ويقال: أهلّ الهلال واستهلّ، ولا يقال اهتلّ. ويقال: أهللنا الهلال وأهللنا شهر كذا وكذا، أي دخلنا فيه. وسمّي الشهر شهرا لشهرته وبيانه.
واختلف الناس في الهلال إلى متى يسمّى هلالا، وإلى متى يسمّى قمرا. فقال بعضهم: يسمّى هلالا لليلتين من الشهر، ثم لا يسمّى هلالا إلى أن يعود في الشهر الثاني. وقال بعضهم: يسمّى هلالا حتى يحجّر، أي يستدير بخطة دقيقة، وهو قول الأصمعي. وقال بعضهم: يسمّى هلالا إلى أن يبهر بضوئه [2] سواد الليل، فإذا كان كذلك قيل له قمر، وهذا لا يكون إلا في الليلة السابعة.
__________
[1] في هامش ر هنا: تفسير راية شادن.
[2] ر: يبهر ضوءه.

الصفحة 353