كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 7)

بنت عباد الجديسية، أخت الأسود الذي وقع إلى جبل طيّ فقتلته طيّ، وسكنت من بعده الجبل. فلما أرادوا نقلها إلى زوجها انطلقوا بها إلى عمليق لينالها قبله، ومعها القيان يغنّين، ويقلن: [من الرجز]
ابدي بعمليق وقومي فاركبي ... وبادري الصبح لأمر معجب
فسوف تلقين الذي لم تطلبي ... وما لبكر عنده من مهرب
فلما دخلت عليه افترعها وخلّى سبيلها، فخرجت إلى قومها في دمائها، شاقّة درعها من قبل ومن دبر، والدّم يتبيّن وهي في أقبح منظر، وهي تقول:
[من الرجز]
لا أحد أذلّ من جديس ... أهكذا يفعل بالعروس
يرضى بهذا يا لقومي حرّ ... أهدى وقد أعطى وسيق المهر
لأخذة الموت كذا لنفسه ... خير من ان يفعل ذا بعرسه
وقالت تحرّض قومها فيما أتي إليها: [من الطويل]
أيجمل ما يؤتى إلى فتياتكم ... وأنتم أناس [1] فيكم عدد النّمل
وتصبح تمشي في الدماء عفيرة ... عفيرة زفّت في الدّماء إلى بعل
فلو أننا كنا رجالا وكنتم ... نساء حجال لم نقرّ بذا الفعل
فموتوا كراما أو أميتوا عدوّكم ... ودبّوا لنار الحرب بالحطب الجزل
وإلا فخلّوا بطنها وتحمّلوا ... إلى بلد قفر وموتوا من الهزل
فللبين خير من مقام على أذى ... وللموت خير من مقام على الذلّ
وإن أنتم لم تغضبوا بعد هذه ... فكونوا نساء لا تعاب من الكحل
ودونكم طيب العروس فإنما ... خلقتم لأثواب العروس وللغسل
__________
[1] أيام العرب: رجال.

الصفحة 363