كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 7)

1308- خبر نزار بن معد بن عدنان فيما عينه لبنيه:
روي عن عبد الله بن عباس أنّ نزار بن معد بن عدنان لما حضره الموت أوصى بنيه وهم أربعة: ربيعة ومضر وإياد وأنمار، وقسم ماله بينهم فقال: يا بنيّ هذا الفرس الأدهم والخباء الأسود والقدر وما أشبهها من مالي لربيعة، فسمّي ربيعة الفرس؛ وهذه القبة الحمراء وما أشبهها من مالي لمضر، فسموا بذلك مضر الحمراء، وهذه الخادمة وما أشبهها من مالي لإياد، وكانت شمطاء فأخذ البلق من غنمه؛ والنّدوة وهي المجلس لأنمار.
وروي عن غير ابن عباس رحمه الله أنه قال لبنيه: إن أصبتم فقد أوجبت حنونة نسبا، فذهبت مثلا، فإذا لم تسمع فالمع، وإن اختلفتم فتحاكموا إلى أفعى نجران، وهو جرهميّ. فلما اختلفوا توجهوا إليه فبينا هم في مسيرهم إذ رأى مضر كلأ قد رعي فقال: إنّ البعير الذي قد رعى هذا الكلأ أعور؛ فقال ربيعة:
وهو أزور؛ وقال إياد: وهو أبتر؛ فقال أنمار: وهو شرود. فلم يسيروا إلا قليلا، فلقيهم رجل فسألهم عن البعير، فقال مضر: هو أعور، قال: نعم، فقال ربيعة: وهو أزور، قال: نعم، وقال إياد: وهو أبتر، قال: نعم، وقال أنمار:
هو شرود، قال: نعم، هذه صفة بعيري دلّوني عليه. فحلفوا أنهم لم يروه، فلم يصدّقهم، وسار معهم إلى الأفعى، وقال: هؤلاء أصحاب بعيري وصفوه لي وقالوا لم نره. فقال الجرهمي: كيف وصفتموه ولم تروه؟ فقال ربيعة: رأيت إحدى يديه ثابتة الأثر والأخرى فاسدة فعلمت أنه أفسدها بشدة وطئه؛ وقال مضر: رأيته يرعى جانبا ويدع جانبا فعلمت أنه أعور؛ وقال إياد: عرفت بتره باجتماع بعره، ولو كان ذيّالا لمصع ببعره، وقال أنمار: عرفت أنه شرود لأنه كان يرعى في المكان الملتفّ نبته ثم يجوز إلى مكان آخر أرقّ منه وأخبث. فقال الجرهمي للرجل: ليسوا بأصحاب بعيرك فاطلبه. ثم سألهم من هم، فأخبروه.
فرحّب بهم وقال: أتحتاجون إليّ وأنتم كما أرى؟ ثم دعا بطعام وشراب فأكلوا وشربوا. فقام عنهم الشيخ ووقف بحيث يسمع كلامهم فقال ربيعة: لم أر كاليوم

الصفحة 367