كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 7)

فجعل الحارث بن سامة يصارع عامرا فيصرعهم رجلا رجلا، فخشي سامة أن يقع بينهم الشر، فأتى عمان، فتزوّج ناجية بنت جرم بن زبان وهو علاف بن حلوان، فأقام بها فنهشته حية فمات. ويقال: إنّ سامة بن لؤيّ شرب هو وأخوه شرابا، فلما أخذ الشراب من كعب بن لؤي أقبل على امرأة سامة فقبلها، فأنف سامة من ذلك وقال: لا أساكنك في بلد، فلم يزل يرتاد حتى نزل عمان.
فلما أصاب المواطن التي يشتهي رجع فحمل امرأته إلى عمان واسمها ناجية، وإنما سمّيت ناجية لأنها عطشت فجعل يقول لها: هذا الماء هذا الماء حتى نجت، وركب هو ناقة، فبينا هو يسير عليها إذ مرّ بواد مخصب، فتناولت ناقته من حشيشه فعلقت بمشفرها أفعى فاحتكت بالغرز، فنهشت الأفعى ساق سامة فخرّا جميعا ميتين.
قال الشاعر: وقيل [1] إنها لأخيه كعب: [من الخفيف]
عين بكّي لسامة بن لؤي ... غلقت ما بساقه العلّاقه
ربّ كأس هرقتها ابن لؤيّ ... حذر الموت لم تكن مهراقه
وبنو ناجية ينتسبون في قريش، وبعض النسابين ينكرون ذلك، ويزعمون أنّ سامة لما مات من نهشة الأفعى تزوّجت امرأته رجلا من البحرين فولدت منه الحارث، ومات أبوه وهو صغير، فلما ترعرع طمعت أمّه أن تلحقه بقريش فأخبرته أنه ابن سامة بن لؤي، فرحل عن البحرين إلى عمه كعب فأخبره أنه ابن أخيه سامة، فعرف كعب أمه وظنّه صادقا فقبله. ومكث عنده مدة حتى قدم ركب من البحرين، فرأوا الحارث فسلّموا عليه وحادثوه، فسألهم كعب بن لؤي: من أين تعرفونه؟ قالوا: هذا ابن رجل من بلدنا يقال له فلان وشرحوا له خبره فنفاه كعب ونفى أمه، فرجعا إلى البحرين فكانا هناك، وتزوّج الحارث فأعقب هذا العقب.
وروي عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال: عمي سامة لم يعقب. وأما الزبير بن بكار فإنه
__________
[1] م: يقال.

الصفحة 376