كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 7)

فقالوا: إنه يخرج في كلّ عشيّة فيأخذ على بني حارثة حتى يأتي ماله بالشوط.
فخرجوا حتى جاؤوا محيصة وحويصة والأحوص من بني مسعود، وكانت بنو سلمة أخوالهم، فمتّوا إليهم بالخؤولة وذكّروهم إخراج بني عبد الأشهل إيّاهم إلى خيبر وما صنعوا بهم في تلك الحروب. وقالوا لهم: إنّ قيس بن الخطيم يمرّ على أطمكم كلّ عشيّة، وقد أردنا قتله، فإن رأيتم أن تتركونا حتى نكمن له فيكم. فأذنوا لهم في ذلك، فكمنوا له في رأس أطمهم. فلما كان من العشيّ أقبل يمشي في ثوبين له مورّسين، حتى إذا جاء الأطم رموه، فوقعت في صدره ثلاثة أسهم، فصاح صيحة سمعها بنو ظفر. فأقبلوا يسعون إليه فقالوا: ما لك؟ قال: قتلني بنو حارثة بأيدي بني سلمة. فخرجوا يحملونه حتى جاؤوا به منزله. فلما رأته امرأته خرجت تصيح وتولول، قالت: فنظر إليّ نظرا علمت أنه لو عاش لقتلني، لا والله ما رأى عندي رجلا قطّ إلا أنه قد كان يأتي بالأسير فيأمرني فأدهنه وأرجّله ثم يقوم إليه فيضرب عنقه. فمكث قيس أياما، ويخرج [1] رجل من قومه حتى أتى بني مازن بن النجار وهم في مجلسهم، فقال: أين ابن أبي صعصعة؟ قالوا: في منزله، فخرج حتى أتاه، فقال: يا عمّ أخل، فخلا معه في بيت في داره، فحدثه شيئا ثم وثب عليه فضرب عنقه، ثم اشتمل على رأسه فخرج وأجاف الباب عليه. فلما طلع على بني مازن خشي أن ينذروا به فيطلبوه، فقال: قوموا إلى سيّدكم يا بني مازن فإنه يدعوكم، فوثبوا وقالوا: هذا أمر حدث من أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلم. ورفع الآخر جراميزه حتى انتهى إلى قيس وهو بآخر رمق، فقال: يا قيس قد ثأرت بك. قال: عضضت أير أبيك إن كنت عدوت أبا صعصعة، قال: فإني لم أعده. وأخرج له رأسه فلم يلبث قيس أن مات.
وقال قيس حين رمي وجاءت رزاح من بني ظفر لينظروا إليه، وكان بينه وبينهم شرّ فقال [2] : [من السريع]
__________
[1] م: وخرج.
[2] ديوان قيس: 148.

الصفحة 381