كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 7)

ذات خلق وأوراك، فقال: أيباع الكفل؟ قالت: عمّا قليل. وكل ذلك يسمعه صخر، فقال: لئن استطعت لأقدّمنّك أمامي، وقال لها: ناوليني السّيف أنظر هل تقلّه يدي فإذا هو لا يقلّه. فقال صخر: [من الطويل]
أرى أمّ صخر لا تملّ عيادتي ... وملّت سليمى مضجعي ومكاني
فأيّ امرىء ساوى بأمّ حليلة ... فلا عاش إلا في أذى وهوان
لعمري لقد نبّهت من كان نائما ... وأسمعت من كانت له أذنان
أهمّ بأمر الحزم لو أستطيعه ... وقد حيل بين العير والنّزوان
وما كنت أخشى أن أكون جنازة ... عليك ومن يغترّ بالحدثان
فللموت خير من حياة كأنّها ... معرّس يعسوب برأس سنان
وقال أبو عبيدة: فلما طال به البلاء وقد نتأت قطعة من جنبه مثل اليد في موضع الطعنة، قالوا له: لو قطعتها رجونا أن تبرأ، فقال: شأنكم. وأشفق عليه بعضهم فنهاه فأبى، فأخذوا شفرة فقطعوا ذلك المكان فيئس من نفسه، وقال:
[من الطويل]
كأني وقد أدنوا لحزّ شفارهم ... من الصبر دامي الصفحتين نكيب
فمات فدفنوه إلى جنب عسيب، وهو جبل إلى جنب المدينة. ورثته أخته خنساء بنت عمرو، وفيه كان جلّ مراثيها دون أخيها معاوية. وكانت قد آلت ألا تنزع المسوح عنها أبدا بعد صخر. ورجت أن يأمرها عمر رضي الله عنه بنزعها، فقال لها: في بما جعلت على نفسك.
وقال المتلمّس الضبعي [1] : [من الطويل]
ألم تر أنّ المرء رهن منيّة ... صريع لعافي الطّير أو سوف يرمس
__________
[1] ديوان المتلمّس: 110- 116.

الصفحة 387