كتاب كشف اللثام شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 7)

وقال ابن التين: صوابه كُفِئَت بغير ألف؛ من كَفَأْتُ الإناءَ، مهموزًا.
واختلف في إمالة الإناء، فيقال فيها: كفأت وأكفأت، وكذا اختلف في أكفأت الشيء لوجهه (١).
واختلف في سبب أمره بإكفاء القدور، فقيل: لأنهم فعلوا ذلك من غير قسمة بلا حاجة إلى أكلها، ويشهد له قوله: فانتهبناها (٢)؛ كما في بعض الروايات، لكن في قوله: بلا حاجة إلى أكلها نظر؛ لأنَّه يردُّه قوله في الحديث: فأصاب النَّاسَ جوع، وفي رواية: فأصابتنا مجاعة (٣)، فهو بيان لوجه الحاجة.
وقيل: لاستعجالهم في ذلك من غير إذن ولا تربص ليقدَمَ - صلى الله عليه وسلم - مع ما يعرض من مكيدة العدو، فأحرمهم الشارعُ ما استعجلوه عقوبةً لهم بنقيض قصدِهم؛ كما منع القاتلَ من الميراث.
قال القرطبي: ويؤيده رواية أبي داود: وتقدَّمَ سرعانُ النَّاس، فتعجلوا، فأصابوا الغنائم، ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في آخر النَّاس (٤).
وقال النووي: إنما أمرهم بذلك؛ لأنهم كانوا قد انتهوا إلى دار الإسلام، والمحل الذي لا يجوز الأكلُ فيه من مال الغنيمة المشتركة؛ فإن
---------------
(١) انظر: "عمدة القاري" للعيني (١٣/ ٤٦).
(٢) رواه ابن ماجه (٣٩٣٨)، كتاب: الفتن، باب: النهي عن النهبة، من حديث الحكم بن ثعلبة - رضي الله عنه -.
(٣) رواه سعيد بن منصور في "سننه" (٢/ ٢٨٣)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (٢٢٣٢٣)، من حديث عاصم بن كليب، عن أبيه، عن رجل من أصحاب النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، به.
(٤) تقدم تخريجه عند أبي داود برقم (٢٨٢١). وانظر: "المفهم" للقرطبي (٥/ ٣٧٥).

الصفحة 13