كتاب كشف اللثام شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 7)

ولا تحسَّ بألم القطع، فأبى، وقال: ما ظننتُ أن خلقًا يشربُ شرابًا يزولُ منه عقلُه حتَّى لا يعرفَ ربَّه (١).
وروي عنه: أنه قال: لا أشربُ شيئًا يحوْلُ بيني وبين ذِكْر ربي -عزّ وجلّ-.
قال الحافظ ابن رجب: وإن تناول ذلك لغير حاجة التداوي، فقال أكثر أصحابنا؛ كالقاضي، وابن عقيل، وصاحب "المغني": إنه يحرم؛ لأنَّه سبب إلى إزالة العقل لغير حاجة، فحرم، كشراب المسكر.
وقالت الشّافعيّة: هو محرم.
ولم يُحرمه الحنفية (٢).
تكملة: ممن قال: إن الخمر من العنب، ومن غير العنب: عمرُ، وعليٌّ، وسعد، وابن عمر، وأبو موسى، وأبو هريرة، وابن عباس، وعائشةُ -رضي الله عنهم-، ومن التابعين: ابنُ المسيب، وعروة، والحسن، وسعيدُ بن جبير، وآخرون (٣).
قال عمر - رضي الله عنه -: (ثلاث) هي صفة موصوف؛ أي: أمورٌ أو أحكامٌ (وَدِدْتُ) -بالكسر- وُدًا -بالضم والفتح-، ووِدادًا؛ أي: تمنيت (٤)، وإنما تمنى ذلك؛ لأنَّه أبعد من محذور الاجتهاد، وهو الخطأ فيه على تقدير وقوعه، ولو كان مأجورًا عليه؛ فإنّه يفوته بذلك الأجر الثاني، والعمل
---------------
(١) رواه ابن أبي الدنيا في "المرض والكفارات" (١٤٠).
(٢) انظر: "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (ص: ٤٢٣ - ٤٢٤).
(٣) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (١٠/ ٤٩).
(٤) انظر: "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (٢/ ٢٨٢).

الصفحة 64