كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 7)

وكذا المنفرد، وفي "المعرفة" للبيهقي: كان عطاء يقول: يجمعهما الإمام والمأموم أحب إلى (¬1). وبه قَالَ ابن سيرين وأبو بردة وأبو هريرة: دون الإمام، ويقول المأموم: ربنا ولك الحمد، وهو قول مالك والليث وأبي حنيفة. وحكاه ابن المنذر عن ابن مسعود وأبي هريرة والشعبي والثوري والأوزاعي، وأحمد قَالَ: وبه أقول، وحكى غيره عن أحمد كالأول (¬2).
حجة الآخرين: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إِذَا قَالَ الإمام: سمع الله لمن حمده، فقولوا: اللَّهُمَّ ربنا لك الحمد" أخرجه البخاري في الباب بعده (¬3)، ومسلم أيضًا (¬4).
وحجة الأولين: حديث الباب وقد قَالَ: "صلوا كما رأيتموني أصلي" والجواب عن حديثهم أن معناه: قولوا ذَلِكَ مع ما قد علمتموه من قوله: سمع الله لمن حمده، وإنما خص هذا بالذكر؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان يجهر بالتسميع، فهم يعلمونه ولا يعرفون: ربنا لك الحمد؛ لأنه يسر به؛ فلذلك علمهم إياها، واحتج الثاني أيضًا فحمل الحديث عَلَى المنفرد، وإنما سقط: سمع الله لمن حمده للمأموم؛ لاختلاف حاله وحال الإمام في الصلاة، وأن الإمام مجيب للدعاء كما قسم الشارع الذكر بين العاطس والمشمت، كذا قسم هذا الذكر بين الإمام
¬__________
(¬1) "معرفة السنن والآثار" 3/ 12.
(¬2) "الأوسط" لابن المنذر 3/ 161 - 162، "المغني" 1/ 186، "المدونة" 1/ 73، "شرح معاني الآثار" 1/ 238، "التمهيد" 3/ 85، "بداية المجتهد" 1/ 291، "بدائع الصنائع" 1/ 209، "البناية" 2/ 262.
(¬3) حديث (796).
(¬4) "صحيح مسلم" (409) كتاب: الصلاة، باب: التسميع والتحميد والتأمين.

الصفحة 174