وذكر سَنَدٌ في كتاب "الطراز": وترك الخطباء الركوع إذا خرجوا لحاجة الخطبة، ولم ينقل عن الشارع أنه ركع قبلها في المسجد، فكذا الحاجة للاستماع والإنصات.
وقال ابن العربي: الصلاة حين ذاك حرام من ثلاثة أوجه: الآية، فكيف يترك الفرض الذي شرع الإمام فيه إذا دخل عليه فيه، ويشتغل بغير فرض، وصح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قَالَ: "إذا قُلْتَ لصاحبك: أنصت فقد لغوت" (¬1)، فإذا كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر -الأصلان المفروضان الركنان في الملة- يحرمان حال الخطبة، فالنفل أولى بالتحريم، ولو دخل والإمام في صلاة لم يركع، والخطبة صلاة؛ إذ يحرم فيها من الكلام والعمل ما يحرم في الصلاة.
قَالَ: وأما حديث سليك فلا يعترض على هذه الأصول من أربعة أوجه:
أولها: فلأنه خبرُ واحدٍ (تعارضه) (¬2) أخبار أقوى منه، وأصول من القرآن والشريعة فوجب تركه.
ثانيها: يحتمل أنه كان في وقت كان الكلام مباحًا في الصلاة؛ لأنا لا نعلم تاريخه، فكان مباحًا في الخطبة، فلما حرم بالخطبة الأمر
¬__________
= والحاكم في "المستدرك" 1/ 288 كتاب: الجمعة. قال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجه، ووافقه الذهبي، والبيهقي 3/ 231 كتاب: الجمعة، باب: لا يتخطى رقاب الناس من حديث عبد الله بن بسر.
قال الألباني في "صحيح أبي داود" (1024): صحيح على شرط مسلم وقد تقدم تخريج هذا الحديث بأفضل من ذلك.
(¬1) سيأتي برقم (934) كتاب: الجمعة، باب: الإنصات يوم الجمعة والإمام يخطب.
(¬2) في الأصل: (فلا تعارضه)، وفي "العارضة" (فلا) غير مثبتة، والسياق يقتضي حذفها.