بالمعروف والنهي عن المنكر الذي هو آكد فرضية من الاستماع فأولى أن يحرم ما ليس بفرض.
الثالث: أن الشارع كلم سليكا وقال له: "قم فصل" فلما كلمه وأمره سقط عنه فرض الاستماع، إذ لم يكن هنالك قولٌ ذَلِكَ الوقت (إلا) (¬1) منه - صلى الله عليه وسلم - إلا مخاطبته له وسؤاله وأمره.
الرابع: أن سليكا كان ذا بذاذة وفقر، فأراد - صلى الله عليه وسلم - أن يشهره؛ ليُرى حاله (¬2).
وكذا سلف في رواية، وكذا قَالَ الداودي: إنما فعل ذَلِكَ به ليُتَصَدَّقَ عليه، قَالَ: وفي الحديث أنهم كسوه ثوبين فأمر - صلى الله عليه وسلم - بالصدقة، فقام الرجل فألقى أحد الثوبين، فنهاه وأمره بإمساكه.
وهذا من الأمور التي يفعلها الإمام في الخطبة؛ ورده ابن التين بالحديث، ولو كان كما ذكره لما سأله: "هل صليت؟ ".
وقال الطحاوي: يجوز أنه لما أمره قطع خطبته ثم استأنف، ويجوز أن يكون بني عليها. قَالَ: ومن الدليل على أن ذَلِكَ كان وقت إباحة الكلام في خطبته أنه ذكر في حديث أبي سعيد الخدري، فذكر ما سلف، قَالَ: ولا نعلم خلافًا أن مثل هذا الكلام محظور في الخطبة لأمره فيها بالإنصات (¬3).
وعند ابن بزيزة: رأى بعض المالكية أن قصة سليك قضية عين (¬4)، وأراد - صلى الله عليه وسلم - أن يراه الناس فيتصدقوا عليه.
¬__________
(¬1) كذا بالأصل وهي زيادة ليست من كلام ابن العربي.
(¬2) "عارضة الأحوذي" 2/ 299 - 302.
(¬3) "شرح معاني الآثار" 1/ 366.
(¬4) انظر: "الذخيرة" 2/ 346.