إذا تقرر ذلك؛ فالكلام عليه من أوجه:
أحدها:
قوله: (بينما نحن نصلي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) الظاهر أن المراد بالصلاة هنا: الخطبة، يسميه باسم ما قاربها، وهو من جنسها، أو لأنهم كانوا ينتظرونها.
وقال ابن الجوزي: معناه: حضرنا الصلاة وكان - صلى الله عليه وسلم - يخطب يومئذٍ قائمًا. وبين هذا في الحديث فإنه في "الصحيح" في حديث جابر هذا أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يخطب قائمًا.
وقال البيهقي: الأشبه أن يكون الصحيح رواية من روى أن ذلك في الخطبة، والمراد بالصلاة: الخطبة، فعبر بها عنها (¬1)، يدل على ذلك حديث كعب بن عجرة السالف في باب الخطبة قائمًا (¬2)، ويؤيده أيضًا حديث الدارقطني: بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب يوم الجمعة .. الحديث (¬3) كما ستعلمه، وكذا أوله المهلب حيث يحتمل أن يكون في الخطبة، كما قَالَ الحسن؛ لأن من انتظر الصلاة فهو في صلاة ولا يظن بالصحابة إلا أحسن الظن. أي: لأن الله وصف أصحاب محمد بأنهم {لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ} [النور: 37] إلا أن يكون هذا الحديث قبل نزول الآية، كما نبه عليه الأصيلي.
ثانيها:
(العير)، مؤنثة، لا واحد لها من لفظها: القافلة أو الإبل التي تحمل
¬__________
(¬1) "معرفة السنن والآثار" 4/ 350 (6419) كتاب: الجمعة، باب: الخطبة قائمًا.
(¬2) يراجع شرح حديث (920).
(¬3) "سنن الدارقطني" 2/ 4 - 6 كتاب: الجمعة، باب: ذكر العدد في الجمعة.