وروى عكرمة عنه أنه قال: قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صلوات وسكت، فنقرأ فيما قرأ ونسكت فيما سكت، فقيل له: لعله كان يقرأ في نفسه؛ فغضب وقال: تتهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬1)؟!
قال الطحاوي: فذهب قوم إلى ما روي عن ابن عباس فقالوا: لا نرى لأحد أن يقرأ في الظهر والعصر البتة، وهو قول سويد بن غفلة (¬2).
وقال الطبري: قال آخرون: في كل صلاة قراءة، غير أنه يجزئ فيما أمر المصلي أن يخافت فيه بالقراءة قراءته في ركعتين منها، وله أن يسبح في باقيها، وروي ذلك عن ابن مسعود والنخعي (¬3) فجعل أهل هذِه المقالة سكوت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الخصوص، وقالوا: إنما كان يسكت عنها في الأخريين، فأما الأوليين فلأنه كان يقرأ فيهما؛ لأنه لا خلاف بين الجميع أنه - عليه السلام - كان يقرأ فيما يجهر فيه من الصلوات في الأوليين، قالوا: فحكم ما يخافت فيه الإمام بالقراءة حكم ما يجهر فيه، في أن في الأوليين قراءة وترك القراءة في الأخريين، هذا قول الكوفيين.
وقال آخرون: لم يكن - عليه السلام - يترك القراءة في شيء من صلاته ولكنه كان يجهر في بعض ويخافت في بعض، هذا قول أهل الحجاز وأحمد وإسحاق.
¬__________
= قال الترمذي: حديث حسن صحيح. اهـ. وقال الألباني في "صحيح أبي داود" (769): إسناده صحيح.
(¬1) رواه أحمد 1/ 218 - 219. والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 205، والطبراني 11/ 357 (12005).
(¬2) "شرح معاني الآثار" 1/ 205.
(¬3) رواها ابن أبي شيبة في "المصنف" 1/ 327 (3742، 3744، 3745).