كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 7)

بَينِي وَبَينَ عَبْدِي وَلعَبْدِي مَا سَأَلَ. فَإِذَا قَال: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيهِمْ غَيرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (٧)}. قَال: هَذَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأل".
قَال سُفْيَانُ: حَدثَنِي بِهِ الْعَلاءُ بْنُ عَبْدِ الرحْمنِ بْنِ يَعْقُوبَ. دَخَلْتُ عَلَيهِ وَهُوَ مَرِيضٌ فِي بَيتِهِ، فَسَألْتُهُ أَنَا عَنْهُ
ــ
في هذه المرة مقسوم (بيني) يعني قوله إياك نعبد (وبين عبدي) يعني قوله وإياك نستعين (ولعبدي ما سأل) من الإعانة، وفي هذا بشارة عظيمة للعبد (فإذا قال: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيهِمْ غَيرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (٧)} قال) الله سبحانه (هذا) المقول خاص العبدي ولعبدي ما سأل) من الهداية (قال سفيان) بن عيينة بالسند السابق (حدثني به) أي بهذا الحديث (العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب) حين (دخلت عليه) أي على العلاء لعيادته (وهو مريض) وقوله (في بيته) أي في بيت العلاء إما متعلق بدخلت لأنه الأقرب أو بحدثني لأنه الأسبق، وقوله (فسألته أنا عنه) معطوف على دخلت أي حين دخلْتُ علَيهِ فسأَلْتهُ أنا عنه أي عن حاله هل هو صالح أم لا أو حين دخلت عليه للعيادة فسألته عنه أي عن هذا الحديث، وقوله أنا تأكيد لضمير الفاعل، ومراد سفيان بذكر هذا الكلام التصريح بسماعه منه دفعا لما يُتوهم من العنعنة السابقة من الانقطاع والتدليس، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٢/ ٠ ٢٥ و ٢٨٥] وأبو داود [٨١٩ و ٨٢٠] والترمذي [٢٩٥٤ و ٢٩٥٥] والنسائي [٢/ ١٣٥ - ١٣٦].
وفي المفهم: قوله (قسمت الصلاة) يعني أم القرآن سماها صلاة لأن الصلاة لا تتم أو لا تصح إلا بها، ومعنى القسمة هنا من جهة المعاني لأن نصفها الأول في حمد الله وتمجيده والثناء عليه وتوحيده، والنصف الثاني في اعتراف العبد بعجزه وحاجته وسؤاله في تثبيته لهدايته ومعونته على ذلك، وهذا التَقْسِيمُ حجةٌ على أن بسم الله الرحمن الرحيم ليست من الفاتحة خلافًا للشافعي وسيأتي قوله، وقوله (حمدني عبدي) أي أثنى علي بصفات كمالي وجلالي (ومجدني) شرفني أي اعتقد شرفي ونطق به، والمجد نهاية الشرف وهو الكثيرُ صفات الكمال والمجدُ الكثرة ومنه قوله: في كل شجر نار وَاسْتَمْجَدَ المَرْخ والعَفَارَ؛ أي كَثُر نارهما والمرخ شجر سريع الاشتعال، والعفار شجر يتخذ منه

الصفحة 79