كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 7)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الزناد، واستمجد استكثر، وهذا المثل يُضرب في تفضيل بعض الشيء على بعض، قوله (وربما قال فوض إلي عبدي) أي يقول هذا ويقول هذا غير أن فوض أقل ما يقوله وليس شكًّا وهو مطابق لقوله مالك يوم الدين لأنه تعالى هو المنفرد في ذلك اليوم بالمُلك إذ لا تبقى دعوى لِمُدع (والدين) الجزاء والحساب والطاعة والعبادة والمُلك، وقوله (نعبد) أي نخضع ونتذلل (ونستعين) نسألك العون (اهدنا) أرشدنا وثبتنا على الهداية (والصراط المستقيم) الذي لا اعوجاج فيه (والمنعم عليهم) هم النبيون والصديقون والشهداء والصالحون (والمغضوب عليهم) اليهود (والضلالُ) النصارى، كذا رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث عدي رضي الله عنه رواه أحمد [٤/ ٣٧٨] والترمذي [٢٩٥٣].
وإنما قال الله تعالى هنا "هذا بيني وبين عبدي" لأنها تضمنت تذلل العبد لله وطلبه الاستعانة منه وذلك يتضمن تعظيم الله تعالى وقدرته على ما طلب منه، وقوله فيما بقي من السورة "هذا لعبدي ولعبدي ما سأل" لأن العبد دعا لنفسه، وقال مالك بن أنس في قوله (فهؤلاء لعبدي) هي إشارة إلى أنها ثلاث آيات لا آيتان، وفي المنهاج قوله (قسمت الصلاة قسمين) قال العلماء: والمراد قسمتها من جهة المعنى لأن نصفها الأول تحميد لله تعالى وتمجيد وثناء عليه وتفويض إليه، والنصف الثاني سؤال وطلب وتضرع وافتقار، واحتج القائلون بأن البسملة ليست من الفاتحة بهذا الحديث وهو من أوضح ما احتجوا به، قالوا: لأنها سبع آيات بالإجماع فثلاث في أولها ثناء أولها الحمد لله وثلاث دعاء أولها اهدنا الصراط المستقيم والسابعة متوسطة وهي إياك نعبد وإياك نستعين، قالوا: ولأنه سبحانه وتعالى قال: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين الخ فلم يذكر البسملة ولو كانت منها لذكرها، وأجاب أصحابنا وغيرهم ممن يقول إن البسملة آية من الفاتحة بأجوبة: أحدها أن التنصيف عائد إلى جملة الصلاة لا إلى الفاتحة هذا باعتبار حقيقة اللفظ، والثاني أن التنصيف عائد إلى ما يختص بالفاتحة من الآيات الكاملة، والثالث معناه فإذا انتهى العبد في قراءته إلى الحمد لله رب العالمين، وقال العلماء أيضًا: قوله تعالى: (حمدني عبدي وأثنى علي ومجدني) إنما قاله لأن التحميد الثناء بجميل الفعال، والتمجيد الثناء بصفات الجلال، ويقال أثنى عليه في ذلك كله ولهذا جاء جوابًا للرحمن الرحيم لاشتمال اللفظين على الصفات الذاتية

الصفحة 80