كتاب الموسوعة الفقهية الميسرة في فقه الكتاب والسنة المطهرة (اسم الجزء: 7)

قال أبو بكر بن المنذر: "وأجمعوا على أنّ للمرء أن يُبارِزَ ويدعو إلى البِراز بإذن الإمام، وانفرَد الحسَن؛ فكان يكرهه ولا يعرف البِراز" (¬1).

ما يجوز للرجل مِنَ الحَمْل وحده على جيش العدوِّ وتأويل قول الله -تعالى-: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (¬2):
عَنْ أَسْلَمَ أَبِي عِمْرَانَ قَالَ: "غَزَوْنَا مِنْ المدِينَةِ نُرِيدُ الْقُسْطَنْطِينيَّةَ وَعَلَى الجماعَةِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ الْوَليدِ، وَالرُّومُ مُلْصِقُو ظُهُورِهِمْ بِحَائِطِ المدِينَةِ، فَحَمَلَ رَجُلٌ عَلَى الْعَدُوِّ، فَقَالَ النَّاسُ: مَهْ مَهْ (¬3) لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ! يُلْقِي بِيَدَيْهِ إِلَى التَّهْلُكَةِ! فَقَالَ أبو أيُّوبَ: إِتَما أنزلَتْ هَذ الآيةُ فِينَا مَعْشَرَ الأنصَارِ، لَمَّا نَصَرَ اللهُ نَبِيَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَظْهَرَ الْإِسْلَامَ، قُلْنَا: هَلُمَّ نُقِيمُ فِي أمْوَالِنَا وَنُصْلِحُهَا فَأَنْزَلَ اللهُ -عزّ وجلّ-: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (¬4).
فَالْإِلْقَاءُ بِالْأَيْدِي إِلَى التَهْلُكَةِ: أَنْ نُقِيمَ فِي أَمْوَالِنَا وَنُصْلِحَهَا وَنَدَع الجهَادَ.
ْقَالَ أبو عِمْرَانَ: فَلَمْ يَزَلْ أبو أيُّوبَ يجاهِدُ فِي سَبِيلِ الله حَتَّى دُفِنَ بِالْقُسْطَنْطِينيَّةِ" (¬5).
وقد اختُلف في تأويل الآية، ذَكَر إسماعيل القاضي في "أحكام القرآن" عن
¬__________
(¬1) انظر كتاب "الإجماع" (ص 59) (رقم 229)، وذكَرَه صاحب الإنجاد (1/ 197).
(¬2) انظر "الإنجاد" (ص 188).
(¬3) اسم فِغل أمر مبنيّ على السكون بمعنى اكفُف.
(¬4) البقرة: 195.
(¬5) أخرجه أبو داود (2512) والنسائي في "الكبرى" وابن حبان وغيرهم، وانظر "الصحيحة" (13).

الصفحة 136