كتاب الموسوعة الفقهية الميسرة في فقه الكتاب والسنة المطهرة (اسم الجزء: 7)
حفص، عن شعبة، عن أبي إسحاق، عن البراء: قال: قلت: أرأيت قول الله -عزّ وجلّ-: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}، أهو الرجل يَحْمِل على الكتيبة فيها ألْفٌ، قال: لا، ولكن الرجل يُذنب، فيلقي بيده ويقول: لا توبة (¬1).
وعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: "قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: عَجِب ربُّنا -عزّ وجلّ- مِن رجلٍ غزا في سبيل الله، فانهزم -يعني: أصحابه- فَعَلِمَ ما عليه، فرجَع حتى أُهريق دمُه، فيقول الله -عزّ وجلّ- لملائكته: انظروا إلى عبدي رجَع رَغْبَةً فيما عندي، وشفقةً ممّا عندي، حتى أُهريق دَمُه" (¬2).
[قلت: وفي الباب، حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "ثلاثة يُحبُّهم الله ويَضْحَك إليهم، ويستَبْشِر بهم: الذي إذا انكشَفَت فِئَة؛ قاتل وراءَها بنفسه لله -عزّ وجلّ- فإمَّا أن يُقتَل، وإمَّا أنْ ينصرَه الله ويكفيه، فيقول: انظروا إلى عبدي هذا؛ كيف صبَر لي بنفسه"] (¬3).
واختَلَف أهل العلم في حَمْل الرجل وحدَه على الجيش؛ والعدد الكثير مِن
¬__________
(¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" وكذا ابن جرير وغيرهما وانظر ما قاله محققا كتاب "الإنجاد" (ص 191)، قلت؛ وأخرج الحاكم نحوه في "المستدرك" ولفظه: "قال له [أي للبراء -رضي الله عنه-] يا أبا عمارة {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}، الرجل يلقى العدوَّ، فيقاتل حتى يُقتَل؟ قال: لا، ولكن هو الرجل يذنب الذنب، فيقول: لا يغفره الله لي"، وصحَّحه لغيره شيخنا -رحمه الله- في "صحيح الترغيب والترهيب" (1624).
(¬2) أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود" (2211)، ورواه أحمد وأبو يعلى وابن حبان في "صحيحه"، وحسَّنه لغيره شيخنا -رحمه الله- في "صحيح الترغيب والترهيب" (1384).
(¬3) أخرجَه الطبراني، وحسَّنه لغيره شيخنا -رحمه الله- في "صحيح الترغيب والترهيب" (1384).