كتاب الموسوعة الفقهية الميسرة في فقه الكتاب والسنة المطهرة (اسم الجزء: 7)

محمّد -رحمه الله-: وإنما قَتَل عمّاراً -رضي الله عنه- أصحابُ معاوية -رضي الله عنه- وكانوا متأولين تأويلهم فيه، وإنْ أخطئوا الحقَّ مأجورون أجراً واحداً لقصْدِهم الخير.
ويكون مِن المتأولين قومٌ لا يُعذَرون ولا أجر لهم؛ كما روينا من طريق البخاري [ثم ساق بإسناده إلى عليّ -رضي الله عنه- أنّه قال]: سمعْتُ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: "سيخرُج قومٌ في آخر الزمان أحداث الأسنان سفهاء الأحلام (¬1) يقولون من قول خير البرية (¬2)، لا يُجاوزُ إيمانُهم حناجرَهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرَّمِيَّة (¬3)، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإنّ في قتلهم أجراً لمن قَتَلهم يوم القيامة" (¬4) وروينا من طريق مسلم [ثم ساق بإسناده إلى] أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أنّ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذكَر قوماً يكونون في أمّته يخرجون في فِرقةٍ من النّاس سيماهم (¬5) التحالق هم شرّ الخلق -أو من شرّ الخلق-، تَقْتُلهم أدنى الطائفتين إلى الحق" (¬6). وذكَر الحديث.
قال أبو محمّد -رحمه الله-: "ففي هذا الحديث نصٌّ جليٌّ بما قلنا وهو أنّ النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذكر هؤلاء القوم؛ فذمّهم أشدَّ الذم وأنهم مِن شر الخلق، وأنهم يخرجون
¬__________
(¬1) أحداث الأسنان سفهاء الأحلام: معناه صغار الأسنان، صغار العقول، "شرح النّووي".
(¬2) معناه في ظاهر الأمر؛ بقولهم: لا حُكم إلاَّ لله، ونظائره من دعائهم إلى كتاب الله -تعالى- والله أعلم، "شرح النّووي".
(¬3) الرَّمِيَّة: الصيد الذي ترميه؛ فتقصده، وينفُذُ فيه سهمك، "النّهاية".
(¬4) أخرجه البخاري: 3611، ومسلم: 1066 وهذا لفظه.
(¬5) السيما: العلامة.
(¬6) أخرجه مسلم: 1065.

الصفحة 283