كتاب الموسوعة الفقهية الميسرة في فقه الكتاب والسنة المطهرة (اسم الجزء: 7)

قبل أن يُقاتلِوا.
وأمّا أهل البغي فإنّ الله -تعالى- قال فيهم: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} فلم يأمر بقتال الباغية ابتداءً، فالاقتتال ابتداءً ليس مأموراً به؛ ولكن إذا اقتتلوا أمرَ بالإصلاح بينهم؛ ثم إنْ بغَت الواحدة قوتلت؛ ولهذا قال مَن قال مِن الفقهاء: إنّ البغاة لا يُبتدَءون بقتالهم حتى يُقاتلوا، وأمّا الخوارج فقد قال النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيهم: "أينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإنّ في قتلهم أجراً عند الله لمن قتلهم يوم القيامة" (¬1)، وقال: "لئن أدركتُهم لأقتلنّهم قَتْل عاد" (¬2).
وكذلك مانعو الزكاة؛ فإنّ الصّدِيق والصحابة ابتدءوا قتالهم، قال الصّديق -رضي الله عنه-: "والله لو منعوني عَناقاً (¬3) كانوا يؤدونها إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لقاتَلْتُهم عليه" (¬4).
¬__________
(¬1) تقدّم.
(¬2) أخرجه البخاري: 3444، ومسلم: 1064.
(¬3) العَناق: هي الأُنثى مِن أولاد المعز؛ ما لم يتمّ له سنة، "النّهاية".
(¬4) أخرجه البخاري: 1400، ومسلم: 20، بلفظ "لو منعوني عقالاً ... " وقال الإمام النّووي -رحمه الله- بحذف: "هَكَذَا فِي مُسْلِم عِقَالاً، وَكَذَا فِي بَعْض رِوَايَات الْبُخَارِي، وَفِي بَعْضهَا عَنَاقاً -بِفَتْحِ العَيْن وَبِالنُّونِ- وَهِيَ الأُنثَى مِنْ وَلَد المعْز، وَكِلاَهُمَا صَحِيح، وَهُوَ مَحْمُول عَلَى أنَّهُ كَرَّرَ الْكَلَام مَرَّتَيْنِ، فَقَالَ فِي مَرَّة: عِقَالاً وَفِي الْأُخْرَى: عَنَاقاً فَرُوِيَ عَنْهُ اللَّفْظَانِ. فأمَّا رِوَايَة الْعَنَاق فَهِيَ مَحْمُولَة عَلَى مَا إِذَا كَانَتْ الْغَنَم صِغَاراً كُلّهَا؛ بِأنْ مَاتَت أماتها فِي بَعْض الحَوْل، فَإِذَا حَال حَوْل الْأُمَّات؛ زَكَّى السِّخَال بِحَوْلِ الْأُمَّات =

الصفحة 289