كتاب الموسوعة الفقهية الميسرة في فقه الكتاب والسنة المطهرة (اسم الجزء: 7)
وإذا كانت البدعة تستجلب غضب الله؛ فكيف ينصرنا وهو غاضب علينا؟! وقد قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إنّ الله حجَب التوبة عن كل صاحب بدعة حتى يدَع بدعته" (¬1).
وهل ينتصر إلاّ التائبون.
ولا تنس أنّ المبتدع قد يبلغ أمره إلى حمْل السلاح ومقاتلة أهل الحقّ.
فعن الحَكَم بن المبارك عن عمر بن يحيى قال: سمعْتُ أبي يحدِّث عن أبيه قال: "كنّا نجلس على بابِ عبد الله بن مسعود قبل صلاة الغداة، فإذا خرَج مشينا معه إلى المسجد، فجاءنا أبو موسى الأشعري، فقال: أخرَج إليكم أبو عبد الرحمن بعد؟ قلنا: لا، فجلس معنا حتى خرَج، فلمّا خرَج قمنا إليه جميعاً، فقال له أبو موسى: يا أبا عبد الرحمن! إنّى رأيت في المسجد آنفاً أمراً أنكرْتُه، ولم أرَ والحمد لله إلاَّ خيراً، قال: فما هو؟ فقال: إن عشت فستراه.
قال: رأيت في المسجد قوماً حلقاً جلوساً، ينتظرون الصلاة، في كلّ حلقةٍ رجل، وفي أيديهم حصى، فيقول: كبّروا مائة، فيكبّرون مائة، فيقول: هلِّلوا مائة، فيهلّلون مائة، ويقول: سبِّحوا مائة، فيسبّحون مائة.
قال: فماذا قلت لهم؟ قال: ما قلتُ لهم شيئاً انتظار رأيك -أو انتظار أمرك-، قال: أفلا أمرْتَهم أن يعدّوا سيئاتهم، وضمِنْت لهم أن لا يضيع مِن حسناتهم شيء؟
ثمّ مضى ومضينا معه، حتى أتى حلقة مِن تلك الحلق، فوقَف عليهم، فقال: ما هذا الذي أراكم تصنعون؟ قالوا: يا أبا عبد الرحمن! حصى نعدُّ به التكبير
¬__________
(¬1) أخرجه الطبراني في "الأوسط" وغيره، وانظر "صحيح الترغيب" (54) و"الصحيحة" (1620).