كتاب الموسوعة الفقهية الميسرة في فقه الكتاب والسنة المطهرة (اسم الجزء: 7)

الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (¬1).
ومن نماذج المجاهدين الخاشعين المنتصرين ما رواه جابر -رضي الله عنه- قال: "خرَجْنا مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يعني في غزوة ذات الرِّقاع - فأصاب رجلٌ امرأةَ رجلٍ من المشركين، فحَلَف: أن لا أنتهيَ حتى أهريق دماً في أصحاب محمد، فخرَج يتبع أثرَ النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فنزلَ النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - منزلاً، فقال: مَنْ رجلٌ يكْلَأُنا (¬2)؟ فانتُدِب رجلٌ من المهاجرين، ورجلٌ من الأنصار، فقال: كُونا بفَمِ الشِّعْبِ. قال: فلمّا خرَج الرجلان، إلى فم الشعب اضطجع المهاجريُّ، وقام الأنصاريُّ يُصلّي، وأتى الرجل، فلمّا رأى شخصه؛ عَرَف أنّه ربيئةٌ (¬3) للقوم، فرماه بسهمٍ فوضَعَه فيه، فنزعَه حتى رماه بثلاثة أسهم، ثمّ ركَع وسجَد، ثمّ انتبهَ صاحبه، فلمّا عَرَف أنهم نَذِروا (¬4) به هَرَب، ولمّا رأى المهاجريُّ ما بالأنصاريِّ مِن الدماء قال: سبحان الله! ألا أنبهتني أوّلَ ما رمى، قال: كنتُ في سورةٍ من القرآن فلم أُحِبَّ أن أقطعَها" (¬5).
{وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ}، معرضون عن الباطل المتضمِّن الشركَ والمعاصي وما لا فائدة فيه مِن الأقوال -كما قال بعض المفسِّرين-.
¬__________
(¬1) المؤمنون: 1 - 11.
(¬2) أي: يحفظنا ويحرسنا.
(¬3) هو العين والطليعة الذي ينظر للقوم؛ لئلاَّ يدهمَهم عدوٌّ، ولا يكون إلاَّ على جبلٍ أو شَرَفٍ ينظُر منه. "النّهاية".
(¬4) أحسُّوا بمكانه.
(¬5) أخرجه أبو داود وغيره، وحسَّنه شيخنا -رحمه الله- في "صحيح سنن أبي داود" (182).

الصفحة 357