كتاب الموسوعة الفقهية الميسرة في فقه الكتاب والسنة المطهرة (اسم الجزء: 7)

أدخَله الله هذا الدين بعزِّ عزيزٍ، أو بذُلِّ ذليلٍ، عزّاً يُعزُّ الله به الإسلام، وذُلاًّ يُذِلُّ به الكُفرَ" (¬1).
ومما لا شكّ فيه؛ أن تحقيق هذا الانتشار، يستلزم أن يعود المسلمون أقوياء؛ في معنوياتهم وماديّاتهم وسلاحهم، حتى يستطيعوا أن يتغلّبوا على قوى الكفر والطغيان، وهذا ما يُبشِّرنا به الحديث [الآتي]:
"عن أبي قَبيلٍ قال: كنا عند عبد الله بن عمرو بن العاص وسُئل: أيُّ المدينتين تُفتَحُ أولاً: القسطنطينيةُ أو رُومية؟ فدعا عبد الله بصندوق له حِلَق، قال: فأخرَج منه كتاباً (¬2)، قال: فقال عبد الله: بينما نحنُ حول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نكتبُ؛ إذ سُئلَ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أيّ المدينتين تُفتَح أولاً أقسطنطينية أو رومية؟ فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مدينةُ هِرَقْل تُفْتَح أوّلاً. يعني قُسْطَنطينيَّة" (¬3).
و (رومية): هي روما، كما في "معجم البُلدان" وهي عاصمة إيطاليا اليوم. وقد تحقَّق الفتح الأول على يدِ محمّد الفاتح العثماني؛ -كما هو معروف-، وذلك بعد أكثر من ثمانمائة سنة مِن إخبار النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالفتح، وسيتحقّق الفتح الثاني بإذن الله -تعالى- ولا بد، ولتعلمنَّ نبأه بعد حين.
¬__________
(¬1) أخرجه أحمد والطبراني في "المعجم الكبير" وابن حبان في "صحيحه" وغيرهم، وانظر "تحذير الساجد" (ص 118) و"الصحيحة" برقم 3.
(¬2) قال شيخنا -رحمه الله- في التعليق: قول عبد الله هذا رواه أبو زرعة أيضاً في "تاريخ دمشق" (96/ 1) وفيه دليلٌ على أنّ الحديث كُتِب في عهده - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
(¬3) أخرجه أحمد، والدارمي، وابن أبي شيبة في "المصنف" وغيرهم، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وقال شيخنا -رحمه الله-: هو كما قالا، وانظر "الصحيحة" برقم (4).

الصفحة 372