كتاب صحيح وضعيف تاريخ الطبري (اسم الجزء: 7)

بالآباء. الناسُ من آدَمَ؛ وآدم خلق من تراب. ثم تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ... } لآية.
يا معشر قريش، ويا أهل مكة؛ ما تُرَوْن أني فاعلٌ بكم؟ قالوا: خيرًا، أخ كريمٌ وابن أخ كريم. ثم قال: اذهبُوا فأنتم الطُّلَقاء.
فأعتقهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد كان الله أمكنه من رقابهم عَنْوة، وكانوا له فيئًا، فبذلك يسمَّى أهل مكة الطلقاء (١). (٣: ٦١).
٣١١ - ثمّ اجتمع الناس بمكَّة لبيَعةِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الإسلام، فجلس لهم -فيما بلغني- على الصَّفَا وعمر بن الخطاب تحت رسول الله أسفلَ من مجلسه يأخذ على الناس. فبايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على السمع والطاعة لله ولرسوله -فيما استطاعوا- وكذلك كانت بيعتُه لمن بايع رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - من الناس على الإسلام. فلما فرغ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - من بيعة الرّجال بايعَ النساء، واجتمع إليه نساءٌ من نساء قريش؛ فيهنَّ هند بنت عُتْبة، متنقّبة متنكّرة لحدَثِها وما كان من صنيعها بحمزة، فهي تخاف أن يأخذَها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بحدثها ذلك، فلما دنوْن منه ليبايعنَه قال
---------------
(١) الظاهر أن الطبري جعل هذا جزءًا من الرواية السابقة (وإسنادها ضعيف) ولكن أخرجه ابن هشام من قول ابن إسحاق بلاغًا، ولقد قال الغزالي في إحياء علوم الدين (٣/ ١٨٢): عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما فتح مكة طاف بالبيت وصلى ركعتين ثم أتى الكعبة فأخذ بعضادتي الباب فقال: ما تقولون وما تظنون؟ فقالوا: نقول: أخ وابن عم حليم رحيم. قالوا ذلك ثلاثًا، فقال - صلى الله عليه وسلم -: أقول كما قال يوسف: {لَا تَثْرِيبَ عَلَيكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}.
قال: فخرجوا فكأنما نشروا من القبور فدخلوا في الإسلام. وقال العراقي في المغني عن حمل الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار: حديث أبي هريرة رواه ابن الجوزي في الوفاء من طريق ابن أبي الدنيا وفيه ضعف. اهـ.
قلنا: وذكر الغزالي بعد ذلك حديثًا آخر عن سهيل بن عمرو قال: لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة وضع يديه على باب الكعبة والناس حوله فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ثم قال: يا معشر قريش ما تقولون وما تظنون؟ قال: قلت يا رسول الله نقول خيرًا ونظن خيرًا أخ كريم وابن عم رحيم، وقد قدرت. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أقول كما قال أخي يوسف {لَا تَثْرِيبَ عَلَيكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ}.
وقال العراقي: لم أجده (إحياء علوم الدين مع المغني في تخريج أحاديث الإحياء) (٣/ ١٨٣).

الصفحة 205