كتاب بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (اسم الجزء: 7)

يُحْتَمَلُ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ، وَيُحْتَمَلُ بَعْدَ النَّصِيبِ إلَّا أَنَّ الْمُسْتَخْرَجَ بِالِاسْتِثْنَاءِ بَعْدَ النَّصِيبِ أَقَلُّ، وَالْمُسْتَخْرَجُ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ أَكْثَرُ، وَالْأَقَلُّ مُتَيَقَّنٌ بِهِ فِي اسْتِخْرَاجِهِ، وَفِي اسْتِخْرَاجِ الزِّيَادَةِ شَكٌّ فَلَا يَثْبُتُ اسْتِخْرَاجُ الزِّيَادَةِ بِالشَّكِّ، بَلْ تَبْقَى الزِّيَادَةُ دَاخِلَةً تَحْتَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ.
(وَجْهُ) قَوْلِ مُحَمَّدٍ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لَيْسَ بِاسْتِخْرَاجِ بَعْضِ الْكَلَامِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّنَاقُضِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ، بَلْ هُوَ تَكَلُّمٌ بِالْبَاقِي بَعْدَ الثُّنْيَا فَلَمْ يَدْخُلْ الْمُسْتَثْنَى فِي صَدْرِ الْكَلَامِ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ، ثُمَّ خَرَجَ بِكَلَامِ الِاسْتِثْنَاءِ، فَلَفْظُ الْوَصِيَّةِ هَهُنَا مَعَ الِاسْتِثْنَاءِ لَمْ يَتَنَاوَلْ إلَّا الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، وَالْمُسْتَثْنَى يَحْتَمِلُ الْأَقَلَّ، وَالْأَكْثَرَ، فَلَا يَتَنَاوَلُ اللَّفْظُ إلَّا الْقَدْرَ الْمُتَيَقَّنَ بِهِ، وَهُوَ الْأَقَلُّ.

وَلَوْ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمْ إلَّا رُبْعَ مَا يَبْقَى مِنْ الثُّلُثِ بَعْدَ النَّصِيبِ فَالْمَسْأَلَةُ تُخَرَّجُ مِنْ أَحَدٍ وَخَمْسِينَ، النَّصِيبُ إثْنَاء عَشَرَ، وَالِاسْتِثْنَاءُ خَمْسَةٌ، وَلِكُلِّ ابْنٍ ثَلَاثَةَ عَشَرَ.
(أَمَّا) تَخْرِيجُهَا عَلَى طَرِيقَةِ الْحَشْوِ: فَهُوَ أَنْ تَأْخُذَ عَدَدَ الْبَنِينَ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ، وَتَزِيدَ عَلَيْهِ وَاحِدًا فَيَصِيرُ أَرْبَعَةً فَاضْرِبْ أَرْبَعَةً فِي مَخْرَجِ السَّهْمِ الْمُسْتَثْنَى، وَهُوَ أَرْبَعَةٌ فَتَصِيرُ سِتَّةَ عَشَرَ، ثُمَّ زِدْ سَهْمًا فَتَصِيرُ سَبْعَةَ عَشَرَ هَذَا ثُلُثُ الْمَالِ، وَثُلُثَاهُ مِثْلَاهُ أَرْبَعَةٌ وَثَلَاثُونَ فَجُمْلَتُهُ وَاحِدٌ وَخَمْسُونَ، هَذَا لِمَعْرِفَةِ أَصْلِ الْمَالِ.
(وَأَمَّا) مَعْرِفَةُ النَّصِيبِ: فَهِيَ أَنْ تَأْخُذَ النَّصِيبَ، وَذَلِكَ سَهْمٌ، وَتَضْرِبُهُ فِي مَخْرَجِ الثُّلُثِ فَتَصِيرُ ثَلَاثَةً ثُمَّ تَضْرِبُ الثَّلَاثَةَ فِي مَخْرَجِ السَّهْمِ الْمُسْتَثْنَى، وَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ فَتَصِيرُ اثْنَيْ عَشَرَ، ثُمَّ تَزِيدُ عَلَيْهِ سَهْمًا فَتَصِيرُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ هَذَا هُوَ النَّصِيبُ، بَقِيَ إلَى تَمَامِ الثُّلُثِ أَرْبَعَةٌ فَأَعْطِ بِالنَّصِيبِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ، ثُمَّ اسْتَرْجِعْ مِثْلَ رُبْعِ مَا بَقِيَ، وَهُوَ سَهْمٌ، وَضُمَّهُ إلَى مَا بَقِيَ فَصَارَ خَمْسَةً فَضُمَّهَا إلَى ثُلُثَيْ الْمَالِ، وَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ وَثَلَاثُونَ فَيَبْلُغُ تِسْعَةً وَثَلَاثِينَ، فَأَعْطِ لِكُلِّ ابْنٍ ثَلَاثَةَ عَشَرَ كَمَا أَعْطَيْت بِالنَّصِيبِ قَبْلَ الِاسْتِرْجَاعِ.
(وَأَمَّا) التَّخْرِيجُ عَلَى طَرِيقَةِ الْخَطَّائِينَ: فَهُوَ أَنْ تَجْعَلَ ثُلُثَ الْمَالِ سِتَّةٍ لِيَبْقَى بَعْدَ إعْطَاءِ النَّصِيبِ، وَالِاسْتِرْجَاعِ مِنْهُ مِثْلُ رُبْعِ مَا يَبْقَى فَأَعْطِ بِالنَّصِيبِ سَهْمَيْنِ، ثُمَّ اسْتَرْجِعْ مِنْهُ مِثْلَ رُبْعِ مَا يَبْقَى، وَذَلِكَ سَهْمٌ، وَضُمَّهُ إلَى ثُلُثَيْ الْمَالِ، وَذَلِكَ اثْنَا عَشَرَ فَتَصِيرُ سَبْعَةَ عَشَرَ، وَحَاجَتُك إلَى سِتَّةٍ؛ لِأَنَّك أَعْطَيْت بِالنَّصِيبِ سَهْمَيْنِ فَظَهَرَ أَنَّك أَخْطَأْت بِزِيَادَةِ أَحَدَ عَشَرَ، فَزِدْ فِي النَّصِيبِ سَهْمًا تَصِيرُ ثَلَاثَةً فَأَعْطِ بِالنَّصِيبِ ثَلَاثَةً ثُمَّ اسْتَرْجِعْ مِنْهُ سَهْمًا، وَضُمَّهُ مَعَ الْبَاقِي إلَى ثُلُثَيْ الْمَالِ، وَذَلِكَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَتَصِيرُ تِسْعَةَ عَشَرَ، وَحَاجَتُك إلَى تِسْعَةٍ؛ لِأَنَّك أَعْطَيْت بِالنَّصِيبِ ثَلَاثَةً.
فَظَهَرَ أَنَّك أَخْطَأْت بِزِيَادَةِ عَشَرَةٍ، وَظَهَرَ أَنَّ كُلَّ سَهْمٍ زَائِدٍ يُزِيلُ خَطَأَ سَهْمٍ، فَزِدْ عَلَى النَّصِيبِ قَدْرَ الْخَطَأِ الْأَوَّلِ، وَذَلِكَ أَحَدَ عَشَرَ لِيَزُولَ الْخَطَأُ، فَصَارَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ، فَأَعْطِ بِالنَّصِيبِ ثَلَاثَةَ عَشْرَ، ثُمَّ اسْتَرْجِعْ مِنْهُ سَهْمًا، وَضُمَّهُ إلَى مَا بَقِيَ، وَهِيَ أَرْبَعَةٌ فَضُمَّهَا إلَى ثُلُثَيْ الْمَالِ، وَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ وَثَلَاثُونَ فَتَصِيرُ تِسْعَةً وَثَلَاثِينَ كَمَا ذَكَرْنَا.

وَلَوْ كَانَ لَهُ خُمْسَ بَنِينَ فَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمْ إلَّا ثُلُثَ وَرُبْعَ مَا يَبْقَى مِنْ الثُّلُثِ بَعْدَ النَّصِيبِ، فَتَخْرِيجُ الْمَسْأَلَةِ عَلَى طَرِيقَةِ الْحَشْوِ: أَنْ تَأْخُذَ عَدَدَ الْبَنِينَ خَمْسَةً، وَتَزِيدَ عَلَيْهَا وَاحِدًا فَتَصِيرُ سِتَّةً ثُمَّ تَضْرِبُ سِتَّةً فِي مُخْرَجِ الْجُزْءِ الْمُسْتَثْنَى، وَهُوَ مِثْلُ الثُّلُثِ، وَالرُّبْعِ، وَذَلِكَ اثْنَا عَشَرَ فَتَصِيرُ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ، ثُمَّ تَزِيدُ ثُلُثَ مُخْرَجِ الْمُسْتَثْنَى، وَرُبْعَهُ، وَذَلِكَ اثْنَا عَشَرَ، وَثُلُثُهُ، وَرُبْعُهُ سَبْعَةٌ فَتَصِيرُ تِسْعَةً وَسَبْعِينَ فَهَذَا ثُلُثُ الْمَالِ، وَثُلُثَاهُ مِثْلَاهُ، وَذَلِكَ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٍ وَخَمْسُونَ.
(وَأَمَّا) مَعْرِفَةُ النَّصِيبِ: فَهُوَ أَنْ تَأْخُذَ النَّصِيبَ، وَذَلِكَ سَهْمٌ، وَتَضْرِبَهُ فِي مُخْرَجِ الثُّلُثِ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ فَتَصِيرُ ثَلَاثَةً ثُمَّ تَضْرِبُ الثَّلَاثَةَ فِي مُخْرَجِ السَّهْمِ الْمُسْتَثْنَى، وَذَلِكَ اثْنَا عَشَرَ فَتَصِيرُ سِتَّةً، وَثَلَاثَةً ثُمَّ تَزِيدُ عَلَيْهِ مِثْلَ ثُلُثِهِ وَرُبْعِهِ، وَهُوَ سَبْعَةٌ فَتَصِيرُ ثَلَاثَةً وَأَرْبَعِينَ فَهُوَ النَّصِيبُ، بَقِيَ إلَى تَمَامِ الثُّلُثِ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ، وَأَعْطِ بِالنَّصِيبِ ثَلَاثَةً وَأَرْبَعِينَ، ثُمَّ اسْتَرْجِعْ مِثْلَ ثُلُثِ مَا بَقِيَ، وَرُبْعِهِ بَعْدَ النَّصِيبِ، وَذَلِكَ وَاحِدٌ وَعِشْرُونَ، وَضُمَّهَا إلَى مَا بَقِيَ، وَهُوَ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ فَتَصِيرُ سَبْعَةً وَخَمْسِينَ، ثُمَّ ضُمَّهَا إلَى ثُلُثَيْ الْمَالِ، وَذَلِكَ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَخَمْسُونَ فَتَبْلُغُ مِائَتَيْنِ وَخَمْسَةَ عَشَرَ، فَأَعْطِ لِكُلِّ ابْنٍ ثَلَاثَةً وَأَرْبَعِينَ مِثْلَ مَا أَعْطَيْت بِالنَّصِيبِ قَبْلَ الِاسْتِرْجَاعِ، وَلِلْمُوصَى لَهُ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ.
وَلَوْ قَالَ: إلَّا ثُلُثَ، وَرُبْعَ مَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ الْحَاصِلَةِ فَتَخْرِيجُهَا عَلَى طَرِيقَةِ الْحَشْوِ: أَنْ تَأْخُذَ عَدَدَ الْبَنِينَ خَمْسَةً ثُمَّ زِدْ عَلَيْهِ وَاحِدًا فَتَصِيرُ سِتَّةً ثُمَّ تَضْرِبُهُ فِي خَمْسَةٍ لِمَا بَيَّنَّا فَتَصِيرُ ثَلَاثِينَ، ثُمَّ زِدْ عَلَيْهِ مُخْرَجَ الثُّلُثِ، وَالرُّبْعِ، وَذَلِكَ سَبْعَةٌ فَتَصِيرُ سَبْعَةً وَثَلَاثِينَ فَهُوَ الثُّلُثُ، وَالثُّلُثَانِ أَرْبَعَةٌ وَسَبْعُونَ.
(وَأَمَّا) مَعْرِفَةُ النَّصِيبِ: فَخُذْ النَّصِيبَ، وَذَلِكَ وَاحِدٌ، وَاضْرِبْهُ فِي ثَلَاثَةٍ، ثُمَّ ثَلَاثَةً فِي خَمْسَةٍ فَصَارَتْ خَمْسَةَ عَشَرَ

الصفحة 366