كتاب بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (اسم الجزء: 7)

حَيْثُ عَدَمِ احْتِمَالِ الْفَسْخِ بِدَلِيلِ أَنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْإِعْتَاقِ حَتَّى لَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا مُسْتَغْرَقًا بِالدَّيْنِ لَا يُنَفَّذُ، وَإِنْ كَانَ الْإِعْتَاقُ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ، وَالْمُعَارَضَةُ مُحْتَمِلَةٌ لِلْفَسْخِ لِكَوْنِهَا عَقْدَ ضَمَانٍ، فَلَا يُعَارِضُهَا الْعِتْقُ إلَّا عِنْدَ الْبِدَايَة، وَعَلَى الْجُمْلَةِ تَقْرِيرُ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِالْإِضَافَةِ إلَى عُقُولِنَا مُشْكِلٌ، وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ، وَفَرَّعَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى هَذَا، فَقَالَ: إذَا أَعْتَقَ ثُمَّ حَابَى ثُمَّ أَعْتَقَ - يُقَسَّمُ الثُّلُثُ بَيْنَ الْعِتْقِ الْأَوَّلِ، وَبَيْنَ الْمُحَابَاةِ نِصْفَيْنِ ثُمَّ مَا أَصَابَ الْعِتْقَ الْأَوَّلَ يُقَسَّمُ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ الْعِتْقِ الثَّانِي لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْقُوَّةِ، وَلَوْ حَابَى ثُمَّ أَعْتَقَ ثُمَّ حَابَى يُقَسَّمُ الثُّلُثُ بَيْنَ الْمُحَابَّتَيْنِ نِصْفَيْنِ ثُمَّ مَا أَصَابَ الْمُحَابَاةَ الْأَخِيرَةَ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا، وَبَيْنَ الْعِتْقِ نِصْفَيْنِ، كَمَا إذَا أَعْتَقَ ثُمَّ حَابَى، وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ هَذَا إذَا كَانَ مَعَ الْوَصَايَا لِلْعِبَادِ عِتْقٌ أَوْ مُحَابَاةٌ.

، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَضْرِبُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِقَدْرِ حَقِّهِ مِنْ الثُّلُثِ حَتَّى لَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ وَلِآخَرَ بِالسُّدُسِ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ - يُقَسَّمُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا: سَهْمَانِ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ، وَسَهْمٌ لِصَاحِبِ السُّدُسِ، أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ مِنْ سِتَّةٍ: ثُلُثُ الْمَالِ ثَلَاثَةٌ، وَثُلُثَاهُ مِثْلَاهُ، وَذَلِكَ سِتَّةٌ فَجُمْلَةُ الْمَالِ تِسْعَةٌ ثُلُثُهُ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ لِلْمُوصَى لَهُمَا بِالثُّلُثِ، وَالسُّدُسُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا، وَثُلُثَاهُ، وَذَلِكَ سِتَّةٌ لِلْوَرَثَةِ، فَاسْتَقَامَ الثُّلُثُ، وَالثُّلُثَانِ، وَإِنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ فَلِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ سَهْمَانِ، وَلِلْمُوصَى لَهُ بِالسُّدُسِ سَهْمٌ، وَالْبَاقِي، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ مِنْ سِتَّةٍ لِلْوَرَثَةِ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى -.

وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِالثُّلُثِ وَلِآخَرَ بِالرُّبُعِ، وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى سَبْعَةِ أَسْهُمٍ: لِصَاحِبِ الثُّلُثِ أَرْبَعَةٌ، وَلِصَاحِبِ الرُّبْعِ ثَلَاثَةٌ.
أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ ثُلُثُهَا، وَذَلِكَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ، فَيَكُونُ كُلُّ الْمَالِ أَحَدًا وَعِشْرِينَ: الثُّلُثُ مِنْ ذَلِكَ سَبْعَةٌ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ، وَالثُّلُثَانِ، وَهُوَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ لِلْوَرَثَةِ، وَإِنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ فَلِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ مَا أَوْصَى لَهُ، وَهُوَ أَرْبَعَةٌ وَلِلْمُوصَى لَهُ بِالرُّبْعِ مَا أَوْصَى لَهُ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ، وَالْبَاقِي، وَهُوَ خَمْسَةٌ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ لِلْوَرَثَةِ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى.

وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِالثُّلُثِ وَلِآخَرَ بِالرُّبْعِ وَلِآخَرَ بِالسُّدُسِ، فَثُلُثُ الْمَالِ تِسْعَةٌ أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ: لِصَاحِبِ الثُّلُثِ أَرْبَعَةٌ، وَلِصَاحِبِ الرُّبْعِ ثَلَاثَةٌ، وَلِصَاحِبِ السُّدُسِ سَهْمَانِ، وَذَلِكَ تِسْعَةٌ، وَثُلُثَا الْمَالِ مِثْلَاهُ، وَذَلِكَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، فَيَكُونُ جُمْلَتُهُ سَبْعَةً وَعِشْرِينَ، سِهَامُ الْوَصِيَّةِ مِنْهَا تِسْعَةٌ: ثَلَاثَةٌ وَأَرْبَعَةٌ، وَسَهْمَانِ، وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ، سِهَامُ الْوَرَثَةِ، هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْوَصَايَا مَا يَزِيدُ عَلَى الثُّلُثِ.

، فَإِنْ كَانَ بِأَنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ وَلَآخَرَ بِالنِّصْفِ، فَإِنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مَا أَوْصَى لَهُ بِهِ فَالثُّلُث لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ، وَالنِّصْفُ لِلْمُوصَى لَهُ بِالنِّصْفِ، أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ مِنْ سِتَّةٍ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ سَهْمَانِ، وَلِلْمُوصَى لَهُ بِالنِّصْفِ ثَلَاثَةٌ، وَذَلِكَ خَمْسَةٌ، وَالْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ، وَإِنْ لَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَهْمٌ مِنْ سِتَّةٍ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ - عَلَى خَمْسَةٍ: لِصَاحِبِ النِّصْفِ ثَلَاثَةٌ، وَلِصَاحِبِ النِّصْفِ الثُّلُثُ سَهْمَانِ.

وَإِنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِرُبُعِ، مَالِهِ وَلِآخَرَ بِنِصْفِ مَالِهِ، فَإِنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا أَوْصَى لَهُ بِهِ فَالرُّبْعُ لِلْمُوصَى لَهُ بِالرُّبْعِ، وَالنِّصْفُ لِلْمُوصَى لَهُ بِالنِّصْفِ وَالرُّبْعُ الْبَاقِي بَيْنَ الْوَرَثَةِ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى الثُّلُثِ حَقُّ الْوَرَثَةِ، وَقَدْ زَالَ بِإِجَازَتِهِمْ، وَإِنْ رَدُّوا فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الثُّلُثِ لَمْ تُنَفَّذْ، وَإِنْ نُفِّذَتْ فَفِي الثُّلُثِ لَا غَيْرُ.
وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي كَيْفِيَّةِ قِسْمَةِ الثُّلُثِ بَيْنَهُمَا فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَعَالَى: يُقَسَّمُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى سَبْعَةِ أَسْهُمٍ لِلْمُوصَى لَهُ بِالنِّصْفِ أَرْبَعَةٌ، وَلِلْمُوصَى لَهُ بِالرُّبْعِ ثَلَاثَةٌ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ: عَلَى ثَلَاثَةٍ سَهْمَانِ لِلْمُوصَى لَهُ بِالرُّبْعِ؛ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالنِّصْفِ لَا يَضْرِبُ إلَّا بِالثُّلُثِ عِنْدَهُ، وَالْمُوصَى لَهُ بِالرُّبْعِ يَضْرِبُ بِالرُّبْعِ، فَيُحْتَاجُ إلَى حِسَابٍ لَهُ ثُلُثٌ، وَرُبْعٌ، وَأَقَلُّهُ اثْنَا عَشَرَ ثُلُثُهَا أَرْبَعَةٌ، وَرُبْعُهَا ثَلَاثَةٌ فَتُجْعَلُ وَصِيَّتُهُمَا عَلَى سَبْعَةٍ، وَذَلِكَ ثُلُثُ الْمِيرَاثِ، وَثُلُثَاهُ مِثْلَاهُ، وَذَلِكَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ، وَجَمِيعُ الْمَالِ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ: سَبْعَةٌ مِنْهَا لِلْمُوصَى لَهُمَا: أَرْبَعَةٌ لِلْمُوصَى لَهُ بِالنِّصْفِ، وَثَلَاثَةٌ لِلْمُوصَى لَهُ بِالرُّبْعِ.
وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ: يُقَسَّمُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ؛ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالنِّصْفِ يَضْرِبُ بِجَمِيعِ وَصِيَّتِهِ عِنْدَهُمَا، وَالْمُوصَى لَهُ بِالرُّبْعِ يَضْرِبُ بِالرُّبْعِ، وَالرُّبْعُ مِثْلُ نِصْفِ النِّصْفِ فَيَجْعَلُ كُلَّ رُبْعٍ سَهْمًا، فَالنِّصْفُ يَكُونُ سَهْمَيْنِ، وَالرُّبْعُ سَهْمًا، فَيَكُونُ ثَلَاثَةً فَيَصِيرُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ: سَهْمَانِ لِلْمُوصَى لَهُ بِالنِّصْفِ، وَسَهْمٌ لِلْمُوصَى لَهُ بِالرُّبْعِ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَصْلٍ، وَهُوَ: أَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ لَا يَضْرِبُ فِي الثُّلُثِ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ مِنْ غَيْرِ إجَازَةِ الْوَرَثَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -

الصفحة 374