كتاب سلسلة جهاد شعب الجزائر (اسم الجزء: 7)

غير أن (الشيخ البشير الإبراهيمي) يتجاوز في نشاطاته دوره الرسمي، فينطلق من خلال (عيون البصائر) مستنفرا الهمم، محذرا من الخطر، ملهبا للحماسة، فيكتب في ذروة المأساة - سنة 1948 - ما يلي:
(يا ضيعة الآداب الإسلامية بينكم. إن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، وقد لدغتم من الجحر الإنكليزي مرات، فلم تتعظوا ولم تتبصروا. خدع خلفكم، كما خدع سلفكم، واستهوى أمراءكم وكبراءكم ودعاكم إلى موائده فلبيتم، وما رأى منكم في كل
الحالات إلا المجاملة، واستمرار المعاملة، وما آنس منكم إلا التهافت على أعتابه، والتعلق بأسبابه. فيا ويحكم! أكل ذلك لأن الإنكليز أغنياء وأنتم فقراء، أو لأنهم أقواء وأنتم ضعفاء؟ كلا. إنهم أغنياء بكم، وبأمثالكم من الأمم المستخذية، وليسوا أغنياء عنكم. وأنتم الأقوياء بما يستمدونه من أرضكم وجيوبكم. فاقطعوا عنهم المددين يضووا ويهزلوا، واخذلوهم في مواطن الرأي والبأس ينخذلوا، وعمروا جزيرتكم تخرب جزيرتهم. إن لبدة الأسد هي بعض أسبابه إلى زرع الهيبة في القلوب. ولكن لبدة الأسد البريطاني لبدة مستعارة. فلو أن أمة استرجعت شعراتها من تلك اللبدة التي تكمن وراءها الرهبة، لأمسى الأسد هرا، مجرود العنق، معروق الصدر، بادي الهزال والسلال.
إن الغنى عمل وتدبير، فلو عملتم لكنتم أغنياء. وإن بدء الغنى من غنى النفس بالتعفف عن الكماليات، وفطمها عن الشهوات، وإن القوة مشيئة لا جبر فيها. فلو شئتم أن تكونوا أقوياء لكنتم.

الصفحة 153