كتاب سلسلة جهاد شعب الجزائر (اسم الجزء: 7)

وذهبت من الغد إلى النادي. واجتمع الناس، وكان بلحاج حاضرا، فوقفت وقلت: يا جماعة! بالأمس ولد لزعيم المتجنسين ولد دعاه (كريستيان) واليوم أبشركم بأنني رزقت ليلا بولد دعوته (إسلام). ففي هذين الاسمين منهاج سياستين: سياسة التجنيس تجعل أولادكم (كريستان) وسياسة الإسلام والعروبة والوطنية تجعل أولادكم (إسلام) فاختاروا، وأنتم الآن على بينة من الأمر. وصفق القوم طويلا. أما محمد بلحاج فقد اصفر لونه، وتلعثم لسانه، وقال بعد لأي: لقد جنيت على ولدك جناية لن يغتفرها لك إذ أطلقت عليه هذا الاسم. ونظرنا إليه جميعا نظرة احتقار وازدراء. وأقسم بالله إنني لم أعد منذ ذلك اليوم أسمع في النادي كلمة تجنس، ولا تجنيس. ماتت الفكرة إلى الأبد. ولم نر وجه محمد بلحاج بعدها إطلاقا) (¬1).
ويمضي الشيخ مدني على درب الجهاد، بالكلمة والعمل، مركزا جهده باستمرار على قضية (الأصالة الذاتية للجزائر) وهي الأصالة المرتبطة أبدا بالإسلام والعروبة. ويحدث في سنة 1934 أن دفعت الإدارة الإفرنسية بعض أذنابها للتقدم بطلبات أبرزها: (1 - إلغاء مساجد المسلمين. 2 - إغلاق المدارس التي تعنى بتعليم القرآن الكريم. 3 - تقييد حرية الصحافة في الجزائر، وتثور الجزائر من أقصاها إلى أقصاها. وينتصب الشيخ المدني عملاقا وهو يمتدح أصالة شعبه ويهاجم بعنف وجرأة الاستعمار وأذنابه. فيقول:
¬__________
(¬1) حياة كفاح (أحمد توفيق المدني) 2/ 167 - 168.

الصفحة 176