كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

كُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَهِيَ إجَارَةٌ لَازِمَةٌ وَالدِّرَاسُ وَالتَّذْرِيَةُ عَلَيْهِمَا.

(ص) وَمَا حَصَدْت فَلَكَ نِصْفُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ مَا حَصَدْت مِنْ زَرْعِي هَذَا فَلَكَ نِصْفُهُ فَإِنَّهُ جَائِزٌ وَهُوَ غَيْرُ لَازِمٍ فَلَهُ التَّرْكُ مَتَى شَاءَ؛ لِأَنَّهُ جُعْلٌ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ لَهُ مَا لَقَطْت فَلَكَ نِصْفُهُ، أَوْ مَا جَنَيْت فَلَكَ نِصْفُهُ، أَوْ اُنْفُضْهُ كُلَّهُ وَلَك نِصْفُهُ بِخِلَافِ مَا نَفَضْت أَوْ حَرَّكْت أَوْ ذَرَّيْت أَوْ عَصَرْت فَلَكَ نِصْفُهُ. وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحَصْدَ وَمَا مَعَهُ مِنْ مَقْدُورِهِ بِخِلَافِ النَّفْضِ وَالْعَصْرِ وَالتَّحْرِيكِ وَمَحَلُّ الْمَنْعِ فِي النَّفْضِ إذَا كَانَ بِالْيَدِ، وَأَمَّا إذَا قَالَ لَهُ مَا نَفَضْت بِالْعَصَا فَلَكَ نِصْفُهُ فَهُوَ جَائِزٌ كَقَوْلِهِ وَمَا حَصَدْت فَلَكَ نِصْفُهُ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ الْعَطَّارِ.

(ص) وَإِجَارَةُ دَابَّةٍ لِكَذَا عَلَى إنْ اُسْتُغْنِيَ فِيهَا حَاسَبَ (ش) عَطْفٌ عَلَى فَاعِلِ جَازَ أَيْ: وَكَذَلِكَ تَجُوزُ الْإِجَارَةُ إذَا قَالَ الْمُكْتَرِي لِلْمُكْرِي أَنَا آخُذُ دَابَّتَك إلَى الْمَدِينَةِ مَثَلًا بِدِينَارٍ وَإِنْ وَجَدْت حَاجَتِي فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ رَجَعْت وَحَاسَبْتُك بِنِسْبَةِ مَا سِرْت عَلَيْهَا إذَا لَمْ يَنْقُدْهُ الْأُجْرَةَ وَإِلَّا فَلَا لِتَرَدُّدِهَا بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ، فَلَوْ قَالَ لَهُ: آخُذُهَا إلَى الْمَدِينَةِ بِدِينَارٍ وَأَيَّمَا بَلَغَتْ مِنْ الْأَرْضِ بَعْدَ ذَلِكَ فَبِحِسَابِهِ لَمْ يَجُزْ لِلْغَرَرِ بِالْمَسَافَةِ وَلَا مَفْهُومَ لِدَابَّةٍ بَلْ السَّفِينَةُ وَالدَّارُ كَذَلِكَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُصَدَّقُ أَنَّهُ اسْتَغْنَى عَنْهَا فِي الْمَوْضِعِ الْفُلَانِيِّ لَوْ نَازَعَهُ رَبُّهَا وَقَالَ لَهُ لَمْ تَسْتَغْنِ أَصْلًا أَوَاسْتَغْنَيْت فِي الْمَوْضِعِ الْفُلَانِيِّ لِمَوْضِعٍ آخَرَ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَقَوْلُهُ فِيهَا أَيْ: فِي الْمُسَافَةِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهَا بِقَوْلِهِ لِكَذَا؛ إذْ هُوَ غَايَةٌ حُذِفَ مَبْدَؤُهَا لِلدَّلَالَةِ عَلَيْهِ بِالْغَايَةِ؛ إذْ هِيَ تَسْتَلْزِمُ الْمَبْدَأَ وَهُوَ مِنْ مَوْضِعِ الْعَقْدِ فَلَمْ يَلْزَمْ عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى غَيْرِ مَذْكُورٍ.

(ص) وَاسْتِئْجَارُ مُؤَجَّرٍ (ش) الْمَصْدَرُ مُضَافٌ إلَى مَفْعُولِهِ وَمُؤَجَّرٌ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَهُوَ أَعَمُّ مِمَّا قَبْلَهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعَيْنَ الْمُسْتَأْجَرَةَ دَابَّةً أَوْ عَبْدًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ يَجُوزُ إجَارَتُهَا لِمَنْ اسْتَأْجَرَهَا وَلِغَيْرِهِ مُدَّةً تَلِي مُدَّةَ التَّوَاجِرِ وَفِيهِ تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ وَأَرْضٌ سِنِينَ لِذِي شَجَرٍ بِهَا سِنِينَ مُسْتَقْبَلَةٍ وَإِنْ لِغَيْرِك لَا زَرْعَ بِهَا بَلْ هُوَ أَتَمُّ مِمَّا هُنَا.

(ص) أَوْ مُسْتَثْنَى مَنْفَعَتُهُ (ش) كَأَنْ يَبِيعَ شَيْئًا وَيَسْتَثْنِيَ مَنْفَعَتَهُ مُدَّةً مُعَيَّنَةً تَبْقَى فِيهَا الرَّقَبَةُ غَالِبًا لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُؤَاجِرَهَا مُدَّةً بَعْدَ الْمُدَّةِ الْمُسْتَثْنَاةِ لِيَقْبِضَهَا الْمُسْتَأْجِرُ بَعْدَهَا، وَالْمُدَّةُ الْمُسْتَثْنَاةُ صَرَّحَ الْمُؤَلِّفُ بِأَنَّهَا عَامٌ فِي الدَّارِ وَسُنُونَ فِي الْأَرْضِ، وَصَرَّحَ فِي الدَّابَّةِ بِجَوَازِ اسْتِثْنَاءِ ثَلَاثِهِ أَيَّامٍ لَا جُمُعَةٍ وَكُرِهَ الْمُتَوَسِّطُ، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَاسْتِئْجَارُ مُؤَجَّرٍ عُطِفَ عَلَى فَاعِلٍ جَازَ وَقَوْلُهُ أَوْ مُسْتَثْنَى عُطِفَ عَلَى مُؤَجَّرٍ، وَقَوْلُهُ مَنْفَعَتُهُ هُوَ مَرْفُوعٌ عَلَى أَنَّهُ نَائِبُ الْفَاعِلِ بِمُسْتَثْنَى؛ إذْ هُوَ اسْمُ مَفْعُولٍ.
(ص) وَالنَّقْدُ فِيهِ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ غَالِبًا (ش) الضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِالْحَرْفِ يَرْجِعُ لِلشَّيْءِ الْمُسْتَأْجَرِ وَلِلشَّيْءِ الْمَبِيعِ الْمُسْتَثْنَى مَنْفَعَتُهُ وَلَمْ يَقُلْ فِيهِمَا بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ فَتَجُوزُ الْمُطَابَقَةُ وَعَدَمُهَا وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ النَّقْدُ فِيمَا ذُكِرَ إذَا كَانَ لَا يَتَغَيَّرُ فِي الْغَالِبِ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ لِمَنْ اسْتَأْجَرَهُ أَوْ لِمَنْ اشْتَرَاهُ أَيْ: بِأَنْ كَانَتْ الرَّقَبَةُ يُؤْمَنُ بَقَاؤُهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ وَهِيَ إجَارَةٌ لَازِمَةٌ) إنَّمَا نُبِّهَ عَلَى أَنَّ هَذِهِ إجَارَةٌ لَازِمَةٌ دُونَ غَيْرِهَا مِمَّا سَبَقَ وَدُونَ مَا بَعْدَهَا فَإِنَّهُ لَيْسَ بِلَازِمٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْجَعَالَةِ لَا الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ وَالدَّارِسُ وَالتَّذْرِيَةُ عَلَيْهِمَا) فَلَوْ شُرِطَ فِي الزَّرْعِ قَسْمَهُ قَتًّا لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ خَطَرٌ وَيَدْخُلُهُ التَّفَاضُلُ.

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ إلَخْ) إنَّمَا كَانَ مِنْ بَابِ الْجَعَالَةِ لِعَدَمِ تَعْيِينِ قَدْرِ الَّذِي يَحْصُدُهُ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ اُحْصُدْ هَذَا فَالْمُشَارُ إلَيْهِ مُعَيَّنٌ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا فِي بَابِ الْإِجَارَةِ وَإِنْ كَانَ مَحَلُّهُ بَابَ الْجَعَالَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَأْخُذُ بِحِسَابِ كُلِّ مَا حَصَدَ شَابَهَ الْإِجَارَةَ بَقِيَ أَنَّ مِنْ أَفْرَادِ الْجَعَالَةِ مَا إذَا قَالَ لَهُ: اُنْفُضْهُ كُلَّهُ وَهَلَّا كَانَ مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ مِثْلُ اُحْصُدْهُ وَلَعَلَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مِنْ مَقْدُورِهِ جُعِلَ مِنْ بَابِ الْجَعَالَةِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ فِيهِ غُرُورٌ، أَمَّا لَوْ قَالَ لَهُ: اُحْصُدْ أَوْ ذَرِّ أَوْ اُدْرُسْ فَقَطْ فَالْمَنْعُ فِي صُورَتَيْنِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ خِفَّةُ الْغَرَرِ فِي اُحْصُدْهُ فَقَطْ دُونَ الصُّورَتَيْنِ وَوَجْهُ شِدَّةِ الْغَرَرِ فِي اُدْرُسْهُ أَنَّ الدَّارِسَ لَا يُوقَفُ لَهُ عَلَى حَدٍّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَقْدُورِهِ وَيَخْتَلِفُ.

(قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَنْقُدْهُ الْأُجْرَةَ) أَيْ: فَيَضُرُّ النَّقْدُ وَلَوْ تَطَوُّعًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ أَنَّهُ كِرَاءٌ بِخِيَارٍ هَكَذَا جَزَمَ بَعْضُ أَشْيَاخِ عج وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَنَّ الْمُضِرَّ النَّقْدُ بِشَرْطٍ وَمِثْلُهُ شَرْطُ النَّقْدِ (قَوْلُهُ وَأَيَّمَا بَلَغَتْ إلَخْ) فَلَوْ قَالَ لَهُ وَمَا بَلَغَتْ إلَى الْبَلَدِ الْفُلَانِيَّةِ فَبِحِسَابِهِ لَجَازَ (قَوْلُهُ: إذْ هُوَ غَايَةٌ) أَيْ: غَايَةُ مَسَافَةٍ وَقَوْلُهُ حُذِفَ مَبْدَؤُهَا أَيْ الْمَسَافَةُ (قَوْلُهُ وَهُوَ مِنْ مَوْضِعٍ) الْمُنَاسِبُ حَذْفُ مِنْ.

(قَوْلُهُ بِفَتْحِ الْجِيمِ) وَعَلَى كَسْرِهَا يَصِيرُ مُكَرَّرًا مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا سَيَأْتِي وَاسْتِئْجَارُ الْمَالِكِ مِنْهُ وَهَذَا مَا لَمْ تَكُنْ الْأَرْضُ مُحْتَكَرَةً وَاسْتَأْجَرَهَا شَخْصٌ فَلَيْسَ لِمُسْتَحِقِّهَا أَنْ يُكْرِيَهَا لِغَيْرِ مُكْتَرِيهَا مُدَّةً تَلِي الْمُدَّةَ الْأُولَى لِمَا سَيَأْتِي عَنْ النَّاصِرِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَبَيْعُ دَارٍ لِتَقْبِضَ مِنْ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ لِلْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُخْرِجَ الْمُكْتَرِيَ وَهُوَ صَاحِبُ الْخُلُوِّ، فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُسْتَحِقِّ أَوْ النَّاظِرِ أَنْ يُكْرِيَ الْأَرْضَ لِغَيْرِ صَاحِبِ الْبِنَاءِ حَيْثُ وَقَعَتْ الْإِجَارَةُ ابْتِدَاءً أُجْرَةَ الْمِثْلِ كَمَا سَيَأْتِي.
(قَوْلُهُ وَهُوَ أَعَمُّ) ؛ لِأَنَّهُ شَامِلٌ لِلدَّابَّةِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ وَفِيهِ تَكْرَارٌ) وَوَجْهُ كَوْنِهِ تَكْرَارًا أَنَّ الْمُؤَجَّرَ الْمَذْكُورَ هُنَا شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ أَرْضًا أَوْ غَيْرَهَا لَكِنَّ الْمُكَرَّرَ إنَّمَا هُوَ الثَّانِي لَا الْأَوَّلُ.
(قَوْلُهُ وَأَرْضٍ سِنِينَ) حَاصِلُهُ أَنَّ أَرْضًا مُكْتَرَاةً فِي السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ لِذِي شَجَرٍ بِهَا فَيَجُوزُ كِرَاؤُهَا سِنِينَ مُسْتَقْبَلَةً لِمَنْ اكْتَرَاهَا فِي السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ وَلِغَيْرِهِ.
(قَوْلُهُ بَلْ هُوَ أَتَمُّ مِمَّا هُنَا) وَلَعَلَّ وَجْهَ الْأَتَمِّيَّةِ مِنْ حَيْثُ بَيَانُ أَنَّ مَحَلَّ الْجَوَازِ إذَا كَانَ لِذِي شَجَرٍ لَا ذِي زَرْعٍ.

(قَوْلُهُ وَسُنُونَ فِي الْأَرْضِ) أَيْ: عَشْرَةٌ كَمَا يَأْتِي لِلْمُؤَلِّفِ صَرِيحًا (قَوْلُهُ وَصَرَّحَ فِي الدَّابَّةِ) وَالْعَبْدُ كَالدَّابَّةِ عَلَى مَا عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ (قَوْلُهُ أَوْ لِمَنْ اشْتَرَاهُ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ لِمَنْ اسْتَأْجَرَهُ مِنْ مُؤَجِّرِهِ أَوْ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ لِلْمُسْتَأْجِرِ مِنْ الْمُشْتَرِي لِلشَّيْءِ الْمُسْتَثْنَى مَنْفَعَتُهُ

الصفحة 10