كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

مِنْ عَقَارٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ حُكْمُ الْوَدِيعَةِ فِي الْقَبُولِ قَبْلَ الْمَوْتِ وَعَدَمِ الْقَبُولِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَشْعَرَ جَعْلُ الْمُؤَلِّفِ مَوْتَ الْوَاهِبِ غَايَةً لِعَدَمِ الْقَبُولِ مِنْ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ أَنَّهُ قَبِلَ بَعْدَهُ وَأَوْلَى إذَا لَمْ يَقْبَلْ أَصْلًا.
(ص) وَصَحَّ إنْ قَبَضَ لِيَتَرَوَّى (ش) أَيْ صَحَّ الْقَبُولُ بَعْدَ مَوْتِ الْوَاهِبِ إنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ قَدْ قَبَضَ الشَّيْءَ الْمَوْهُوبَ لِيَتَرَوَّى فِي أَمْرِهِ هَلْ يَقْبَلُ أَمْ لَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا أَنَّهُ فِي الَّتِي قَبْلَهَا اسْتَمَرَّ عَلَى الْقَبْضِ الَّذِي هُوَ أَصْلُ الْوَدِيعَةِ وَفِي هَذِهِ حَصَلَ مِنْهُ إنْشَاءُ قَبْضٍ بَعْدَ الْهِبَةِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ أَقْوَى.
(ص) أَوْ جَدَّ فِيهِ أَوْ فِي تَزْكِيَةِ شَاهِدِهِ (ش) فَاعِلُ جَدَّ هُوَ الْمَوْهُوبُ لَهُ وَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِالْحَرْفِ يَرْجِعُ لِلْقَبْضِ وَالضَّمِيرُ فِي شَاهِدِهِ يَرْجِعُ لِلشَّيْءِ الْمَوْهُوبِ أَوْ لِلشَّخْصِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ إذَا جَدَّ فِي قَبْضِ الْهِبَةِ وَالْوَاهِبُ يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ فَإِنَّ الْهِبَةَ مَاضِيَةٌ وَذَلِكَ حَوْزٌ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَكَذَلِكَ لَا تَبْطُلُ الْهِبَةُ إذَا أَنْكَرَهَا الْوَاهِبُ وَأَقَامَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِذَلِكَ بَيِّنَةً وَاحْتَاجَتْ إلَى التَّزْكِيَةِ فَجَدَّ الْمَوْهُوبُ لَهُ فِي تَزْكِيَتِهَا فَمَاتَ الْوَاهِبُ قَبْلَ التَّزْكِيَةِ فَإِنَّ الْهِبَةَ مَاضِيَةٌ وَذَلِكَ حَوْزٌ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ طَالَ زَمَنُ التَّزْكِيَةِ فَقَوْلُهُ أَوْ جَدَّ عَطْفٌ عَلَى قَبَضَ لِيَتَرَوَّى وَالْمُرَادُ بِالشَّاهِدِ الْجِنْسُ.

(ص) أَوْ أَعْتَقَ أَوْ بَاعَ أَوْ وَهَبَ إذَا أَشْهَدَ وَأَعْلَنَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْهِبَةَ إذَا أَعْتَقَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ أَوْ بَاعَهَا قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا أَوْ وَهَبَهَا فَإِنَّهَا تَكُونُ مَاضِيَةً وَيُعَدُّ فِعْلُهُ ذَلِكَ حَوْزًا لَهَا إذَا أَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ وَأَعْلَنَ بِمَا فَعَلَهُ وَانْظُرْ مَا فَائِدَةُ الْإِعْلَانِ مَعَ الْإِشْهَادِ وَلَعَلَّهُ بِمَثَابَةِ الْحَوْزِ وَالْإِشْهَادُ لِإِثْبَاتِ مَا ادَّعَاهُ وَالْإِعْلَانُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْعِتْقِ بَلْ يَكْفِي فِيهِ الْإِشْهَادُ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ أَعْتَقَ يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ الْعِتْقُ لِأَجَلٍ وَيُفِيدُ أَنَّ الْكِتَابَةَ وَالتَّدْبِيرَ لَيْسَا كَالْعِتْقِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ أَوْ بَاعَ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ الْمُشْتَرِي وَهُوَ كَذَلِكَ وَيَجْرِي مِثْلُهُ فِي قَوْلِهِ أَوْ وَهَبَ.
(ص) أَوْ لَمْ يُعْلَمْ بِهَا إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ (ش) الضَّمِيرُ الْمُضَافُ إلَيْهِ مَوْتِ يَرْجِعُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِالْهِبَةِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَعَلِمَ بِهَا وَرَثَتُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَإِنَّهَا لَا تَبْطُلُ بَلْ هِيَ نَافِذَةٌ وَتَنْزِلُ وَرَثَةُ الْمَوْهُوبِ لَهُ مَنْزِلَتَهُ فَيَأْخُذُهَا الْوَارِثُ مِنْ الْوَاهِبِ الصَّحِيحِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَقَوْلُهُ يُعْلَمْ مَبْنِيٌّ لَمَّا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ أَيْ: لَمْ يَقَعْ عِلْمُ الْهِبَةِ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَالْمُتَّصِفُ بِالْعِلْمِ هُوَ وَارِثُ الْمَوْهُوبِ لَهُ؛ لِأَنَّ عِلْمَ الْمَوْهُوبِ لَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا يُمْكِنُ وَبِهَا نَائِبُ الْفَاعِلِ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الشَّارِحِ الَّذِي يَرْجِعُ مَوْتُهُ لِلْوَاهِبِ فَالْحُكْمُ فِيهَا الْبُطْلَانُ.

(ص) وَحَوْزُ مُخْدَمٍ وَمُسْتَعِيرٍ مُطْلَقًا (ش) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى فَاعِلِ صَحَّ أَيْ: وَكَذَلِكَ يَصِحُّ قَبْضُ كُلٍّ مِنْ الْمُخْدَمِ وَالْمُسْتَعِيرِ وَحِيَازَتُهُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ: إذَا وَهَبَهَا الْمُعِيرُ لِلْمُسْتَعِيرِ وَلَمْ يَقْبَلْ حَتَّى مَاتَ الْمُعِيرُ فَإِنَّ الْهِبَةَ تَبْطُلُ (قَوْلُهُ أَنَّهُ قَبِلَ بَعْدَهُ) ، وَأَمَّا لَوْ قَبِلَ قَبْلَ الْمَوْتِ فِي حَالِ الْمَرَضِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ وَيَصِحُّ حَوْزُهُ وَمِثْلُهُ الْمُسْتَعِيرُ إذَا قَبِلَ فِي حَالِ الْمَرَضِ فَإِنْ قُلْت شَرْطُ الْحَوْزِ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الْمَانِعِ وَهَذَا حَالُ الْمَانِعِ فَلَا يَصِحُّ فَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَيْنِ لَمَّا كَانَا حَائِزَيْنِ فِي الْجُمْلَةِ قَبْلَ حُصُولِ الْمَانِعِ كَانَ حَوْزُهُمَا مَعَ الْمَانِعِ كَافِيًا اُنْظُرْ ك وَمِثْلُ ذَلِكَ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ إذَا وَهَبَ لَهُ وَحَصَلَ مِنْهُ الْقَبُولُ فِي حَالِ مَرَضِ الْوَاهِبِ (قَوْلُهُ الَّذِي هُوَ أَصْلُ الْوَدِيعَةِ) الْمُرَادُ بِكَوْنِهِ أَصْلًا لَهَا أَنَّهُ لَهَا (قَوْلُهُ وَفِي هَذِهِ حَصَلَ إلَخْ) لَا يُسَلَّمُ ذَلِكَ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَفِي هَذِهِ كَانَ حَائِزًا وَيَنَزَّلُ تَرَوِّيهِ مَنْزِلَةَ قَبُولِهِ (قَوْلُهُ وَذَلِكَ حَوْزٌ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ مِنْ أَنَّهُ تَبْطُلُ الْهِبَةُ وَالْخِلَافُ جَارٍ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْجَدِّ وَالتَّزْكِيَةِ كَمَا أَفَادَهُ شَارِحُنَا (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالشَّاهِدِ الْجِنْسُ) أَيْ الْمُتَحَقِّقُ فِي مُتَعَدِّدٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ جَدَّ فِي تَزْكِيَةِ شَاهِدِهِ مَعْنَاهُ أَوْ جَدَّ فِي تَزْكِيَةِ بَيِّنَتِهِ وَهَذَا خِلَافُ الْمُتَبَادَرِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يُرَادُ بِالشَّاهِدِ الْجِنْسُ الْمُتَحَقِّقُ فِي مُتَعَدِّدٍ فَصَحَّ حِينَئِذٍ أَنْ يُرَادَ مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ أَوْ جَدَّ فِي تَزْكِيَةِ بَيِّنَتِهِ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ إذَا أَشْهَدَ) رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ إذَا أَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ: عَلَى مَا فَعَلَهُ وَقَوْلُهُ وَأَعْلَنَ بِمَا فَعَلَهُ أَيْ: أَعْلَنَ عِنْدَ الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ وَلَعَلَّهُ بِمَثَابَةِ الْحَوْزِ) أَيْ: الْإِعْلَانَ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِمَثَابَةِ حَوْزِ السِّلْعَةِ الْمَوْهُوبَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِشْهَادَ لِإِثْبَاتِ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ وَالْإِعْلَانَ بِمَثَابَةِ حَوْزِ السِّلْعَةِ وَالظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ إنَّ الْإِشْهَادَ عَلَى الْبَيْعِ بِمَثَابَةِ الْحَوْزِ وَالْإِعْلَانَ بِمَثَابَةِ الْإِشْهَادِ عَلَى الْحَوْزِ (قَوْلُهُ وَالْإِشْهَادُ لِإِثْبَاتِ مَا ادَّعَاهُ) أَيْ: فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ وَيُفِيدُ إلَخْ) اُسْتُشْكِلَ بِأَنَّ الْكِتَابَةَ دَائِرَةٌ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْعِتْقِ فَكُلٌّ مِنْهُمَا قَائِمٌ مَقَامَ الْحِيَازَةِ فِي الرَّقَبَةِ الْحِسِّيَّةِ وَأَيْضًا قُدِّمَ أَنَّ الْكِتَابَةَ وَالتَّدْبِيرَ مِنْ الْوَاهِبِ الْبُطْلَانُ لِلْهِبَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَقُومَا مَقَامَ الْحِيَازَةِ مِنْ الْمَوْهُوبِ بِالْأَوْلَى.
(قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ عَلِمَ بِهَا قَبْلُ وَتَرَكَهَا حَتَّى مَاتَ فَتَبْطُلُ وَظَاهِرُ النَّقْلِ الصِّحَّةُ أَيْضًا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ تَرَكَ قَبْضَهَا تَفْرِيطًا فَيَكُونُ كَقَبْضِهَا لِيَتَرَوَّى (قَوْلُهُ وَعَلِمَ بِهَا وَرَثَتُهُ) أَيْ: إنْ كَانَ حُرًّا وَسَيِّدُهُ إنْ كَانَ عَبْدًا (قَوْلُهُ فَالْحُكْمُ فِيهَا الْبُطْلَانُ) وَلَا يُعْذَرُ فِيهَا بِعَدَمِ الْعِلْمِ أَيْ: لِأَنَّ مَوْتَ الْوَاهِبِ قَبْلَ حِيَازَةِ الْهِبَةِ يُبْطِلُهَا عِلْمُ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَمْ لَا سَوَاءٌ كَانَ مُعَيَّنًا أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ أَشْهَدَ الْوَاهِبُ عَلَيْهَا أَوْ لَا إلَّا فِي مَسْأَلَةِ أَوْ اسْتَصْحَبَ هَدِيَّةً أَوْ أَرْسَلَهَا كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ.

(قَوْلُهُ وَحَوْزُ مُخْدَمٍ إلَخْ) الْمُخْدَمُ بِفَتْحِ الدَّالِ الشَّخْصُ الَّذِي أَعْطَاهُ سَيِّدُهُ عَبْدًا عِنْدَهُ لِيَخْدُمَهُ فَالْعَبْدُ يُقَالُ لَهُ مُخْدَمٌ بِالْفَتْحِ أَيْضًا، وَأَمَّا مُخْدِمٌ بِكَسْرِ الدَّالِ فَهُوَ مُعْطِي الْعَبْدِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) اُعْتُرِضَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ مُطْلَقًا فَإِنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنَّهُ مِنْ عِلْمِهِمَا وَرِضَاهُمَا كَذَا فِي عج وَهُوَ تَبَعُ الْمُؤَلِّفِ وعب تَبَعُ عج وَرَدَّهُ مُحَشَّى تت بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمُدَوَّنَةِ ذَلِكَ وَنَصُّهَا، وَأَمَّا الْعَبْدُ الْمُخْدَمُ وَالْمُعَارُ إلَى أَجَلٍ فَقَبْضُ الْمُخْدَمُ وَالْمُسْتَعِيرُ لَهُ قَبْضٌ لِلْمَوْهُوبِ وَهُوَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إنْ مَاتَ الْوَاهِبُ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَمَّا قَالَ فِي سَمَاعِ سَحْنُونَ حَوْزُ الْمُودَعِ صَحِيحٌ إنْ عَلِمَ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ

الصفحة 108