كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

دُونَ السَّنَةِ كَمَا يُفِيدُهُ مُقَابَلَتُهُ لَهُ بِقَوْلِهِ (بِخِلَافِ سَنَةٍ) يَعْنِي أَنَّ رُجُوعَ الْهِبَةِ لِلْوَاهِبِ بَعْدَ حَوْزِ الْمَوْهُوبِ لَهُ سَنَةً لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّهَا طُولٌ فَهُوَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ بِقُرْبٍ وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِهِ لِيُبَيِّنَ مِقْدَارَ الْقُرْبِ وَهَذَا يُشْبِهُ الِاسْتِثْنَاءَ الْمُنْقَطِعَ؛ لِأَنَّ هَذَا لَمْ يَدْخُلْ فِيمَا قَبْلَهُ كَمَا قَالَهُ بَعْضٌ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يُقَالُ فِيهِ إخْرَاجٌ بَلْ هُمَا أَمْرَانِ مُتَقَابِلَانِ تَأَمَّلْ.

(ص) أَوْ رَجَعَ مُخْتَفِيًا أَوْ ضَيْفًا فَمَاتَ (ش) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَعْنَى قَوْلِهِ بِخِلَافِ سَنَةٍ؛ إذْ مَعْنَى كَلَامِهِ لَا إنْ رَجَعَتْ إلَيْهِ بَعْدَ سَنَةٍ أَوْ رَجَعَ الْوَاهِبُ إلَى عَقَارِهِ الَّذِي وَهَبَهُ مُتَخَفِّيًا مِنْ الْمَوْهُوبِ بِأَنْ وَجَدَ الدَّارَ الْمَوْهُوبَةَ خَالِيَةً فَسَكَنَهَا وَلَمْ يَعْلَمْ الْمَوْهُوبُ لَهُ فَمَاتَ فِيهَا أَوْ رَجَعَ إلَيْهَا ضَيْفًا فَمَاتَ فِيهَا بَعْدَ أَنْ حَازَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ فِي الْهِبَةِ وَهِيَ نَافِذَةٌ وَسَوَاءٌ رَجَعَ إلَيْهَا عَنْ قُرْبٍ أَوْ بُعْدٍ وَمِثْلُ الضَّيْفِ الزَّائِرُ.

(ص) وَهِبَةُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ مَتَاعًا (ش) يَعْنِي أَنَّ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ إذَا وَهَبَ لِصَاحِبِهِ مَتَاعًا مِنْ مَتَاعِهِ فَإِنَّ الْهِبَةَ نَافِذَةٌ صَحِيحَةٌ وَإِنْ لَمْ يَرْفَعْ يَدَهُ عَنْ هِبَتِهِ لِلضَّرُورَةِ فَقَوْلُهُ وَهِبَةُ إلَخْ إمَّا بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى فَاعِلِ صَحَّ أَوْ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى مَعْنَى إنْ قَبَضَ أَيْ: صَحَّ الْحَوْزُ فِي قَبْضِهِ لِيَتَرَوَّى وَفِي هِبَةِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ كَذَا وَحِينَئِذٍ فَكَلَامُهُ مُفِيدٌ لِلصِّحَّةِ وَاعْتِبَارُ الْحِيَازَةِ لَا لِلصِّحَّةِ فَقَطْ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ.
(ص) وَهِبَةُ زَوْجَةٍ دَارَ سُكْنَاهَا لِزَوْجِهَا لَا الْعَكْسِ (ش) يَعْنِي، وَكَذَلِكَ تَصِحُّ هِبَةُ الزَّوْجَةِ دَارَ سُكْنَاهَا لِزَوْجِهَا، وَأَمَّا هِبَةُ الزَّوْجِ دَارَ سُكْنَاهُ لِزَوْجَتِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ وَالْفَرْقُ أَنَّ السُّكْنَى لِلرَّجُلِ لَا لِلْمَرْأَةِ فَإِنَّهَا تَبَعٌ لِزَوْجِهَا.
(ص) وَلَا إنْ بَقِيَتْ عِنْدَهُ (ش) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لَا الْعَكْسِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْهِبَةَ إذَا بَقِيَتْ عِنْدَ وَاهِبِهَا إلَى أَنْ فَلَّسَ أَوْ إلَى أَنْ مَاتَ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ لِفَوَاتِ الْحَوْزِ الَّذِي هُوَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ مِلْكِهَا سَوَاءٌ عَلِمَ الْمَوْهُوبُ بِهَا أَمْ لَا فَالضَّمِيرُ فِي بَقِيَتْ عَائِدٌ عَلَى الْهِبَةِ بِمَعْنَى الشَّيْءِ الْمَوْهُوبِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْهِبَةِ بِمَعْنَى التَّمْلِيكِ كَمَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ قَبْلَهُ وَلَا إنْ رَجَعَتْ إلَيْهِ إلَخْ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يُقَالَ إنَّ فِي كَلَامِهِ اسْتِخْدَامًا حَيْثُ اُسْتُعْمِلَ الِاسْمُ الظَّاهِرُ وَهُوَ قَوْلُهُ أَوَّلَ الْبَابِ الْهِبَةُ تَمْلِيكٌ إلَخْ فِي مَعْنًى وَهُوَ التَّمْلِيكُ وَضَمِيرُهُ وَهُوَ الْمُسْتَتِرُ فِي رَجَعَتْ وَبَقِيَتْ فِي مَعْنًى آخَرَ وَهُوَ الْهِبَةُ بِمَعْنَى الشَّيْءِ الْمَوْهُوبِ ثُمَّ إنَّ فِي الْكَلَامِ حَذْفًا دَلَّ عَلَيْهِ الِاسْتِثْنَاءُ أَيْ: وَلَا إنْ بَقِيَتْ الْهِبَةُ عِنْدَ الْوَاهِبِ فِي كُلِّ مَوْهُوبٍ وَلِكُلِّ أَحَدٍ إلَى وُجُودِ الْمَانِعِ وَالدَّلِيلُ عَلَى الْأَوَّلِ قَوْلُهُ إلَّا مَا لَا يُعْرَفُ إلَخْ أَيْ: هِبَةُ مَا لَا يُعْرَفُ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَدَارَ سُكْنَاهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا إلَخْ وَالدَّلِيلُ عَلَى الثَّانِي قَوْلُهُ إلَّا لِمَحْجُورِهِ وَالْمَوْضُوعُ فِي الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ حُصُولُ الْمَانِعِ.

(ص) إلَّا لِمَحْجُورِهِ إلَّا مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَلَوْ خُتِمَ (ش) قَدْ عَلِمْت أَنَّ كُلًّا مِنْ الِاسْتِثْنَاءَيْنِ مُسْتَثْنًى مِنْ مُقَدَّرٍ أَيْ: وَلَا إنْ بَقِيَتْ عِنْدَهُ لِكُلِّ شَخْصٍ مَوْهُوبٍ إلَّا لِمَحْجُورِهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ مَوْهُوبٍ إلَّا مَا لَا يُعْرَفُ إلَخْ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا وَهَبَ لِمَحْجُورِهِ هِبَةً وَاسْتَمَرَّتْ عِنْدَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يُقَالُ فِيهِ إخْرَاجٌ) أَيْ: الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ بِخِلَافِ سَنَةٍ وَقَوْلُهُ بَلْ هُمَا أَيْ قَوْلُهُ بِخِلَافِ سَنَةٍ مَعَ مَا قَبْلَهُ الَّذِي هُوَ دُونَ السَّنَةِ ثُمَّ أَقُولُ هَذَا لَا يُرَدُّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَنَّ فِيهِ إخْرَاجًا إنَّمَا قَالَ يُشْبِهُ الِاسْتِثْنَاءَ الْمُنْقَطِعَ.

(قَوْلُهُ مُخْتَفِيًا مِنْ الْمَوْهُوبِ) تَبِعَ تت فِي تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَهُوَ خِلَافُ النَّقْلِ كَمَا فِي ابْنِ شَاسٍ بَلْ فَرْضُهَا فِي اخْتِفَائِهِ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ خَوْفًا فَمَرِضَ فَمَاتَ انْتَهَى

(قَوْلُهُ مَتَاعًا مِنْ مَتَاعِهِ) أَيْ: وَالْمُرَادُ مَتَاعُ الْبَيْتِ مِنْ غِطَاءٍ وَوِطَاءٍ وَآنِيَةٍ وَالْخَادِمِ كَمَا هُوَ الصَّوَابُ وَمِثْلُ هِبَةِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ مَتَاعًا هِبَةُ أُمِّ الْوَلَدِ لِسَيِّدِهَا أَوْ سَيِّدِهَا لَهَا مَتَاعًا وَقَالَ اللَّقَانِيِّ وَمِثْلُ الْمَتَاعِ عَبِيدُ الْخِدْمَةِ لَا الْخَرَاجِ؛ إذْ لَا بُدَّ فِي عَبِيدِ الْخَرَاجِ مِنْ الْحَوْزِ الْحِسِّيِّ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَرْفَعْ يَدَهُ) أَيْ: وَالْحَالُ أَنَّ الْوَاهِبَ مِنْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ أَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ حِينَئِذٍ فَكَلَامُهُ إلَخْ) هَذَا غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ هَذَا يُفِيدُ اشْتِرَاطَ الْحِيَازَةِ مَعَ أَنَّهَا لَا تُشْتَرَطُ فِي هِبَةِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ مَتَاعًا (قَوْلُهُ وَهِبَةُ زَوْجَةٍ دَارَ سُكْنَاهَا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ اشْتَرَطَتْ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُخْرِجَهَا مِنْهَا أَوْ أَنْ لَا يَبِيعَهَا وَلَا يُخَالِفَ مَا فِي الْبَيْعِ مِنْ فَسَادِ عَقْدِهِ بِالثَّانِي؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ خَرَجَ عَلَى عِوَضٍ بِخِلَافِ هَذَا تَقْرِيرٌ، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَلَا أَثَرَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهِ هَكَذَا قَالَ عج اعْتَرَضَ عَلَيْهِ مُحَشَّى تت بِمَا حَاصِلُهُ أَمَّا الْأَوَّلُ وَهُوَ مَا إذَا اشْتَرَطَتْ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُخْرِجَهَا مِنْهَا فَالنَّصُّ فِيهِ أَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَتَصَدَّقَ الْمَرْأَةُ عَلَى زَوْجِهَا بِالْمَسْكَنِ الَّذِي تَسْكُنُ مَعَهُ فِيهِ أَوْ تَتَصَدَّقَ عَلَى بَنِيهَا الصِّغَارِ بِالْمَسْكَنِ الَّذِي تَسْكُنُ فِيهِ مَعَ زَوْجِهَا أَنَّ ذَلِكَ حِيَازَةٌ لِبَنِيهِ إذَا مَكَّنَتْ الْأَبَ مِنْ الدَّارِ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِمْكَانِ وَجَوَازِ الْحِيَازَةِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ الْأَمْرَ عَلَى غَيْرِ الْإِمْكَانِ مِثْلَ أَنْ تَقُولَ لَهُ أَتَصَدَّقُ عَلَيْك بِهَذِهِ الدَّارِ الَّتِي سَكَنَّاهَا عَلَى أَنْ لَا تُخْرِجَنِي مِنْهَا وَتَسْكُنُ فِيهَا مَعِي أَوْ تَقُولَ لَهُ أَتَصَدَّقُ عَلَى بَنِيك بِهَذِهِ الدَّارِ عَلَى أَنْ تَسْكُنَ فِيهَا فَتَلْتَزِمَ الْكِرَاءَ لَهُمْ وَلَا تُخْرِجُنِي مِنْهَا فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَلَا يَكُونُ سُكْنَاهُ مَعَهَا فِيهَا حِيَازَةً لَهُ وَلَا لَهُمْ فَالنَّقْلُ صَرِيحٌ خِلَافُ مَا قَالَ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ وَهِيَ أَنْ لَا يَبِيعَهَا فَالرَّاجِحُ أَنَّ مَنْ وَهَبَ هِبَةً لِرَجُلٍ وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَبِيعَ وَلَا يَهَبَ فَالشَّرْطُ عَامِلٌ وَالْهِبَةُ مَاضِيَةٌ فَتَكُونُ الصَّدَقَةُ بِيَدِ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ بِمَنْزِلَةِ الْحَبْسِ لَا تُبَاعُ وَلَا تُوهَبُ حَتَّى يَمُوتَ، فَإِذَا مَاتَ وُرِثَتْ عَنْهُ عَلَى سَبِيلِ الْمِيرَاثِ (قَوْلُهُ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ) أَيْ: حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهَا وَتَحُوزَهَا الزَّوْجَةُ لِنَفْسِهَا (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْهِبَةَ إذَا بَقِيَتْ عِنْدَ وَاهِبِهَا إلَى أَنْ فَلَّسَ أَوْ إلَى أَنْ مَاتَ) أَيْ أَوْ إلَى أَنْ حَصَلَتْ إحَاطَةُ دَيْنٍ (فَلَا يَحْتَاجُ) كَأَنَّهُ لِكَوْنِهِ أَقَلَّ كُلْفَةٍ مِنْ الِاسْتِخْدَامِ وَإِنْ كَانَ الِاسْتِخْدَامُ مِنْ الْمُحَسِّنَاتِ الْبَدِيعِيَّةِ (قَوْلُهُ فِي كُلِّ مَوْهُوبٍ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ فِي كُلِّ مَوْهُوبٍ إنَّمَا يُقَدَّرُ بَعْدَ قَوْلِهِ إلَّا لِمَحْجُورِهِ لَا أَنَّهُ يُقَدَّرُ قَبْلُ كَمَا تَقْضِيهِ عِبَارَتُهُ فَتَأَمَّلْ حَقَّ التَّأَمُّلِ.

. (قَوْلُهُ إلَّا لِمَحْجُورِهِ) أَيْ: فَلَا تَبْطُلُ لِمَانِعٍ كَمَوْتِهِ

الصفحة 110